( ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه ، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها . ) أي ، لما كانت الأفعال كلها بمشيئة الله كما قررناه - من أنه لا يقع شئ إلا بالمشيئة الإلهية ولا يرتفع إلا بها - كان مآل الخلق في الآخرة إلى السعادة على اختلاف أنواع الخلائق وسعاداتهم . ( فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شئ وأنها سبقت الغضب الإلهي . ) أي ، عبر الحق عن لسان هذا المقام ب ( أن الرحمة وسعت كل شئ ) . فإن المشيئة الإلهية [22] وسعت جميع الأشياء أعيانها وأحوالها ، لأنها بها وجدت في العلم ، وبها ظهرت في العين . وقال أيضا : ( إن رحمتي سبقت غضبي ) . فرحمته السابقة مشيئته الذاتية العامة السابقة على كل شئ ، [23] أسماء كانت أو أعيانا . ( والسابق متقدم ، فإذا لحقه هذا الذي حكم عليه المتأخر ، حكم عليه المتقدم ، فنالته الرحمة إذ لم يكن غيرها سبق ) أي ، إذا لحقه حكم الغضب الذي هو المتأخر بواسطة المخالفة ، حكم عليه المتقدم بالرحمة السابقة ، فأخذته من يد ( المنتقم ) . و حكم الغضب إما قبل أخذ المنتقم حقه منه ، [24] أو بعده ، أو حال الانتقام ، لأن السابق على الغضب هو الرحمة ، فالمآل أيضا إليها . ( فهذا معنى سبقت رحمته غضبه ) اعلم ، أن ( السبق ) يستعمل على معان : منها التقدم بالوجود ومنها قولهم : سبق الفرس الفرس . أي ، لحقه وتعداه . ومنها سبقه فلان في الصنعة ، أو في الكرم . أي ، زاد عليه وغلبه . وفي قوله تعالى :
[22] - أي ، متعلق المشيئة ، أعم من الإرادة ، والإرادة ظلها . وبالمشيئة تظهر الأسماء والأعيان من مقام الاستجنان العلم الإجمالي إلى عرصة العلم التفصيلي ومقام ظهور الأسماء والأعيان في القدر العلمي . ( ج ) [23] - ولذا عبر الثامن لأقطاب الوجود ، عليه السلام ، عن المشيئة ب ( الذكر الأولى ) . ( ج ) [24] - في ط گ وم ق : ( وحكم الغضب إما قبل أخذ المنتقم وحكم الغضب حقه ) . وفي م ل ، النسخة المعتمدة عليها : ( وحكم الغضب إما قبل أخذ المنتقم حقه منه ، أو حال الانتقام ) . لأن السابق على الغضب هو الرحمة والمآل أيضا إليها . أي ، الرحمة . ( ج )