استقبلنا حجر ولا شجر إلا سلم على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ) . فظهر بإدراك الحقائق ولوازمها وصفاتها الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله . ( فمن عم إدراكه ، كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم . ) لأن الظهور بالعلم ، وهو النور الإلهي الذي به تظهر الأشياء ، ولولاه ، لكانت في ظلمة العدم وخفائه . ( فلا تحجب ) على صيغة المبنى للمفعول . و ( لا ) للنهي . ( بالتفاضل و تقول ) أي ، والحال إنك قائل . ( لا يصح كلام من يقول إن الخلق ) أي ، مهيتة الخلق ، هي عين . ( هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها ليس إلا الله تعالى ) أي ، لا تكن محجوبا ولا تقل : إن هوية الخلق مغائرة لهوية الحق لاتحادها وتكثر هويتهم و وقوع التفاضل فيهم . لأنا بينا لك أن الأسماء الإلهية متفاضلة ، وبعضها أتم حيطة من البعض ، وأنها متكثرة مع أحدية عين الحق ، وليس مدلولها ومسماها إلا الله الواحد الأحد . ولما فرع من تقرير المفاضلة بين الأسماء ومظاهرها ، رجع إلى المقصود من الفص فقال : ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا ، وهو من جملة من أوجدته الرحمة ) أي ، الرحمة الرحمانية ، والرحمان الذي هو الموجد له متأخر عن اسم الله ، فمعلوله ومرحومه بالطريق الأولى أن يتأخر عنه . ( فلا بد أن يتقدم ( الرحمن الرحيم ) ليصح إسناد المرحوم ) أي ، فلا بد أن يتقدم الاسم ( الله ) و ( الرحمن ) الذي يوجد سليمان على ( الرحيم ) ، والرحيم الذي يخصه بالكمالات على المرحوم الذي هو سليمان ، لأن العلة بالذات متقدمة على معلولها ، ليصح الإسناد المرحوم إلى راحمه وموجده . ( هذا عكس الحقائق : تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه . ) أي ، هذا القول الذي قيل في سليمان ، عكس ما يقتضيه علوم الحقائق من تقديم من يستحق التأخير ، وهو سليمان ، وتأخير من يستحق التقديم ، وهو الله وأسماؤه ، في موضع لا يستحق إلا التقديم . فإن