بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم ) . واعلم ، أن سريان الهوية الإلهية في الموجودات كلها أوجب سريان جميع الصفات الإلهية فيها ، من الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر وغيرها ، كليها و جزئيها ، لكن ظهر في بعضها بكل ذلك ، كالكمل والأقطاب ، ولم يظهر في البعض ، فظن المحجوب أنها معدومة في البعض ، فسمى البعض حيوانا والبعض جمادا . فالشيخ ( رض ) نبه أن الكل حيوان ، ما ثم من لا حيوة له . ثم نبه بقوله : ( إلا أنه بطن عن إدراك بعض الناس ) على أن كونه حيوانا . ليس باطنا في نفس ذلك الشئ حتى تكون له الحياة بالقوة لا بالفعل ، كباقي الصفات ، بل هو حيوان بالفعل ، وإن كان باقي صفاته بالقوة [14] وظهر في الآخرة كونه حيوانا لكل الناس ، فإنها الدار الحيوان . لذلك تشهد الجوارح بأفعال العبد في الآخرة . وكذلك الدنيا حيوان وحياتها ظاهرة ، لكن للكمل . كما قال أمير المؤمنين ، كرم الله وجهه : ( كنا في سفر مع رسول الله ، صلى الله عليه وآله ، ما
[14] - قوله : ( وإن كان باقي صفاته بالقوة . . . ) . سريان الحقيقة الوجودية والهوية الإلهية المستجمعة لجميع الصفات الكمالية في الأشياء يقتضى أن يكون جميع الأشياء مستجمعا لجميعها بالفعل ، وإن كان المحجوب لا يدركها . بل كل موجود عند الكمل أسم أعظم ، ولذا ورد عن مولينا أمير المؤمنين ، أو الصادق ، عليهما السلام : ( ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله ومعه ) . و ( الله ) هو الاسم الجامع لجميع الأسماء والصفات ، وفي هذا المقام لا تفاضل بين الموجودات . ولقد حققنا ذلك في شرحنا لبعض الأدعية . ( الامام الخميني مد ظله ) واعلم ، أن الصفات التي هي عين الهوية الإلهية ، كالعلم والتكلم والحياة والإدراك وأمثال ذلك ، بل الصفات الغير الكونية ، كلها لا بد وأن يكون سارية في الموجودات لسريان الهوية الإلهية فيها . وأما الصفات الكونية التي فسرناها بمعنى وجودها بالفعل ، فمشروطة بمرور الشئ في مراتب الطبيعة . فلذا لا يكون الجماد متحركا آكلا شاربا بالفعل إلا أن يمر من المراتب إلى الحيوانية ، مثلا . وهذا معنى قول الشارح العلامة : ( بل هو حيوان بالفعل و إن كان باقي صفاته بالقوة ) ولا يرد عليه ما أورده بعض من لا يتدبر في كلامه . كذا أفيد من الأستاذ الأعظم . ميرزا محمد رضا قمشهاى ( رض ) . ( ج )