للخلق بوجودك ، فإن الدنيا لا تخرب ما دام كونك فيه . قال تعالى : ( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) . والخطاب للنبي ، صلى الله عليه وسلم ، وللوارثين نصيب منه [34] ( فأعطيناه ما يبدو * به فينا وأعطانا ) أي ، فأعطيناه الحق ما يظهر بوجوده فينا من الحياة والعلم والقدرة وغير ذلك من الصفات الكمالية . فأعطيناه إياها برجوعنا إليه وفناءنا فيه ذاتا وصفة و فعلا ، كما قال : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) . وأعطانا ما علم و ظهر له من أعياننا من الإمكان والحدوث والفقر والعجز ، وفي الجملة ، ما طلبت استعداداتنا من صفات الكمال والنقصان بإيجادها وإظهارها في الوجود الخارجي [35] ( فصار الأمر مقسوما * بإياه وإيانا ) أي ، فصار الأمر الوجودي منقسما بما أعطيناه إياه من أحوالنا التي كنا عليها حال
[34] - قال الشيخ الكبير القونوي : ( والمراد بالوارث الكامل المحمدي من يؤول إليه أموره من عترته وآله ) . وقال الشيخ الأكبر في فتوحاته : ( والعترة هم الأقطاب في الوجود ) . ( ج ) [35] - قوله : ( وأعطانا ) ليس المراد ما أفاده الشارح . بل المراد هو البقاء بعد الفناء ، أي ، فأعطيناه ما أعطانا أولا ، فحل الفناء في المقامات الثلاثة ، فإذا أعطيناه ، أرجعنا إلى مملكتنا ، فصرنا حقا وخلقا . فقوله : ( فكن حقا وكن خلقا ) إشارة إلى هذا المقام . و في المصراعين الذين بعده أشار إلى كيفية السلوك والوصول . فيكون حاصل المعنى : كن حقا وخلقا بحيث لا تحجبك الحقية عن الخلقية ، ولا الخلقية عن الحقية ، فتصير رحمتك رحمة بالله وبالوجود الحقاني . وطريق الوصول إلى هذا المقام الشامخ أن نجعل بالمجاهدات الحق غذاء الخلق متخللا فيه تخلل الغذاء في المتغذي . فإن الحق باطن والخلق ظهور الحق ، أي ، ترى أن الخلق مقام الظهور ، فارجع الظهور إلى البطون ، فأعطه ما أعطاك ، فتصير صاحب القلب الجمعي الأحدي . ( الامام الخميني مد ظله )