على صيغة المبنى للمفعول . أي ، فلا يحجبنك أحد بأنك مسمى بالإنسان ، والحق مسمى بالله . أو على صيغة المبنى للفاعل . أي ، فلا يحجب نفسك بأن تجعلها مسمى بالإنسان ، وتجعل الحق : مسمى بالله . ( فقد أعطاك ) البرهان الكشفي إنك عينه باعتبار الحقيقة ، وغيره باعتبار التعين والتقيد . وأعطاك البرهان النقلي إنك عينه ، كما قال : ( كنت سمعه وبصره ) - الحديث . وقال : ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن ، وهو بكل شئ عليم ) . وغير ذلك من الأخبار الواردة فيه . ( فكن حقا وكن خلقا * تكن بالله رحمانا ) أي ، فكن حقا باعتبار روحك ، وخلقا باعتبار جسدك . أو فكن حقا باعتبار حقيقتك الجامعة للحقائق كلها الإلهية والكونية ، وكن خلقا باعتبار تعينك و تقيدك وكونك مظهرا للصفات الإلهية . تكن بالله عام الرحمة على العالم ، إذ بواسطتك يحصل له ما فيه من كمالاته دنيا وآخرة ، علما وعينا ، فتكون عين اسم ( الرحمان ) المشتمل على الأسماء . ( وغذ خلقه منه * تكن روحا وريحانا ) قد مر مرارا أن الحق غذاء الخلق من حيث وجودهم وبقائهم وجميع كمالاتهم ، إذ الحق هو الذي يختفي في صورة الخلق اختفاء الغذاء في المغتذى . وبقاء الخلق بالحق ، كبقاء المغتذى بالغذاء . والخلق غذاء الحق من حيث إظهار أحكام أسمائه وصفاته ، إذ بالخلق تظهر الأحكام الأسمائية ، وبهم بقاؤها ، ولو لا الخلق ، ما كان له أسماء وصفات . فضمير ( خلقه ) و ( منه ) عائد إلى الله تعالى . أي ، غذاء العالم من وجود الحق بأسمائه وصفاته ، لأنك خليفة في ملكه . تكن ذا روح وراحة ، لأنك حينئذ تكون رحمة للعالمين ، فتستريح من أنفاسك الأرواح وتشم من نفحات عطرك الأشباح ، فتكون ريحانا للعالم بروحك ، وراحة للأكوان بعينك ، وأمنا ( * )