أي ، فلو لا الحق الذي هو منبع القوى والقدرة ومعدن الكمالات الظاهرة في البشر المفيض بأسمائه وصفاته الأنوار في العالم ، ولو لا أعيان الثابتة في العدم ، لما حصل في الوجود ما حصل ، ولا ظهر في الكون ما ظهر . والمراد بقوله : ( ولو لا نا ) ليس الإنسان فقط ، بل أعيان العالم كله . ( فإنا أعبد حقا * وإن الله مولانا ) لقبول ما يفيض علينا وإظهار صفاته الغيبية فينا ، والعبودية تطلب الربوبية ، فربنا ومولانا المفيض علينا الصفا ت الكمالية هو الله لا سواه . وإنما جاء بالاسم ( الله ) دون غيره من الأسماء ، لأنه هو الاسم الجامع للأسماء كلها ، والعالم بأسره مظاهره . ( وإنا عينه فاعلم * إذا ما قلت إنسانا ) أي ، إنا وأعيان العالم عين الله ، لأنها أسماؤه ، والأسماء من وجه عين المسمى ، و هو من وجه ( الأحدية ) . كما مر في المقدمات . ومعنى ( إذا ما قلت إنسانا ) أي ، إذا جعلت العالم من حيث أحدية جمعه ، مسمى بالإنسان الكبير ، وإنا عين الله ، إذا ما قلت إنه هو الذي ظهر بصورة الإنسان الكامل ، فيسمى باسم الإنسان . كما قال - شعر : ( سبحان من أظهر ناسوته * سر سنا لاهوته الثاقب ) ( ثم بدأ في خلقه ظاهرا * في صورة الآكل والشارب ) [33] لأنا مشتركون في الحقيقة الإنسانية مع الكامل . فقوله : ( إنا ) يكون عن لسان أفراد الإنسان ، لا العالم . ( فلا تحجب بإنسان * فقد أعطاك برهانا )
[33] - تتمة الأبيات : لقد رأى في خلقه ذاته كرؤية الحاجب بالحاجب ) ( ج )