أعاقب ) . - الحديث . و ( العقل ) المذكور هو روحه المشار إليه بقوله : ( أول ما خلق الله نوري ) . ( فأعطاه رتبة الفاعلية ) بأن جعله خليفة للعالم ، متصرفا في الوجود العيني ، معطيا لكل من أهل العالم كماله . ولما كان كلامه ( ص ) في الطيب ، جعل ذلك التصرف في عالم الأنفاس ، فقال : ( في عالم الأنفاس التي هي الأعراف الطيبة ، فحبب إليه الطيب ، فلذلك جعله ) رسول الله ، صلى الله عليه . ( بعد النساء . ) المراد ب ( عالم الأنفاس ) هو عالم الأرواح المؤثرة بأنفاسهم في الوجود الظاهري ، وب ( الأعراف الطيبة ) الروائح الطيبة الوجودية . ولما كانت الأرواح مبادئ للموجودات الشهادية التي تحملها الطبيعة الكلية الروحانية ، صارت موصوفة ب ( الأعراف الطيبة ) . و هي الروائح الوجودية للأعيان الأزلية العلمية . ولكون هذه الروائح حاصلة بعد وجود الطبيعة التي هي أم بالنسبة إلى الكل ، جعل الطيب بعد ذكر النساء . ( فراعى الدرجات التي للحق في قوله : ( رفيع الدرجات ذو العرش ) لاستوائه عليه باسمه ( الرحمن ) . ) أي ، فراعى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، هذا الترتيب : الدرجات الإلهية والمراتب الكلية التي للحق المشار إليها في قوله : ( رفيع الدرجات ذو العرش ) . وذلك لأن أول ما وجد هو العقل الأول ، وهو آدم الحقيقي ، ثم النفس الكلية ، منها وجدت النفوس الناطقة كلها ، وهي حواء ثم الطبيعة التي بواسطتها ظهر الفعل والانفعال في الأشياء ، ثم الهيولى الجسمية ، ثم الجسم الكلى ، ثم الفلك الأطلس الذي هو العرش الكريم ، ثم الكرسي ، ثم العنصريات من السماوات والأرض ، على ما مر من أن السماوات متولدة من ( دخان ) الأرض ، ثم حصلت المواليد الثلاث ، وتم الملك والملكوت . وهذه الحقائق كلها درجات إلهية ومراتب رحمانية ، تقدمت عليها النفس الكلية ، وبالتنزل إلى المرتبة الجسمية حصل الاستواء الرحماني . فالروح المحمدي الذي هو المظهر الرحماني هو الذي استوى على العرش ، فتعم رحمته على العالمين . كما قال : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) .