رضى الله عنه ، بلسان الذوق أن الخاتمة نظيرة السابقة الأزلية . وذلك لأن آدم الحقيقي الغيبي وآدم الشهادة كل منهما مذكر ، واقع بين مؤنث غير حقيقي ، وهو لفظة ( الذات ) ، وبين مؤنث حقيقي ، وهي حواء ، عليها سلام الله . إن عبرت عنها بالحقيقة الأصلية أو العين الإلهية ، فكذلك . وإن جعلت السبب لوجود آدم الصفة ، كالقدرة ، وجعلتها مغائرة للذات - كما هو مذهب المتكلمين - أو جعلتها عينا - كما هو مذهب الحكماء الإلهيين - أو جعلت الذات من حيث هي بلا إعتبار الصفة علة لوجود العالم ، أيضا كذلك . ولما كان رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أفصح فصحاء العرب والعجم وأعلم علماء أهل العالم ، أشار فيما تكلم به إلى ما عليه الوجود تنبيها لأهل الذوق والشهود . ( وأما حكمة الطيب وجعله بعد النساء ، فلما في النساء من روائح التكوين ) أي ، روائح تكوين أهل العالم . لأن المرأة لها رتبة الأمومة التي بها وجود الأولاد . و صاحب الكشف يشم روائح وجودهم فيها ويدرك بذوق الشم ، فلذلك جعله بعد ذكر النساء . وتلك الرائحة ألذ الروائح . ( فإنه ( أطيب الطيب عناق الحبيب ) . كذا قالوا في المثل السائر . ) أي ، الشأن أن أطيب الطيب ما يجده المحب من عناق الحبيب ، وذلك لأنه يجد فيه رائحة عينه وحقيقته . ( ولما خلق ) رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . ( عبدا بالأصالة ، لم يرفع رأسه قط إلى السيادة ) مراعاة لما تقتضيه عينه الثابتة من العبودية الذاتية الحاصلة من التعين والتقيد وحفظا للأدب مع الحضرة الإلهية . ( بل لم يزل ساجدا ) لربه متذللا لحضرته ( واقفا مع كونه منفعلا ) أي ، واقفا في مقام عبوديته ومرتبة انفعاليته . ( حتى كون الله عنه ما كون . ) أي ، حتى وجد الله من روحه جميع الأرواح ومظاهرها . كما جاء في الحديث : ( إن الله لما خلق العقل ، قال له : أقبل ، فأقبل . ثم قال له : أدبر ، فأدبر . فقال : وعزتي و جلالي ما خلقت خلقا أحب إلى منك ، بك آخذ وبك أعطى وبك أثيب وبك