عمدوا في العبارة إلى اللسان الظاهر الذي يقع فيه اشتراك الخاص والعام ، فيفهم منه الخاص ما فهم العامة منه وزيادة مما صح له به اسم أنه خاص ، فيتميز به عن العامي . فاكتفى المبلغون العلوم بهذا . ) أي ، بلسان الظاهر . ( فهذا حكمة قوله عليه السلام : ( ففررت منكم لما خفتكم ) . ولم يقل ، ففررت منكم حبا في السلامة والعافية ) رعاية لجانب الظاهر ولسان العامة . ( فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين ( فسقى لهما ) من غير أجر ، ( ثم تولى إلى الظل ) الإلهي ، فقال : ( رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير ) . فجعل عين عمله السقى . ) و ( السقى ) بدل عن ( عمله ) ، أو عطف بيان . ( عين الخير الذي أنزله الله إليه ، فوصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده . ) إنما جعل عين السقى عين الخير الذي أنزل الله إليه ، لأن الخير المنزل إليه كانت النبوة وعلومها . والماء صورة العلم - لذلك فسر ابن عباس ، رضى الله عنهما ، قوله تعالى : ( وأنزلنا من السماء ماءا ) . أي علما - فأفاض بعلمه على الجاريتين عين ما استفاض من الله تعالى في الحقيقة ، وإن كان في الصورة غيره . ولأن التوفيق والقدرة بذلك العمل ما كان إلا من الله ، فاستفاض ذلك منه وأفاض أثره عليهما ، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده ، لأن الفيض إنما يحصل بحسب الاستعداد ، ومن جملة شروطه خلو المحل عما ينافي المعنى الفائض ، بل عن كل ما سوى الله . والفقير التام هو الكامل المطلق من النوع البشرى . ( فأراه الخضر إقامة الجدار من غير أجر ، فعتبه موسى على ذلك ) بقوله : ( لو شئت لاتخذت عليه أجرا ) . فذكره الخضر ( بسقايته من غير أجر إلى غير ذلك مما لم نذكره . ) أي ، في ، هذا الكتاب واطلعنا عليه في الكشف عند شهود الخضر عليه السلام . وقد روى عنه أنه اجتمع بالخضر في الكشف . فقال له الخضر : كنت قد أعددت لموسى بن عمران ألف مسألة مما جرى عليه من أول ما ولد إلى زمان الاجتماع بينهما ، فلم يصبر على ثلاثة مسائل منها قد ( حتى تمنى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أن يسكت موسى ، عليه السلام ، ولا يعترض حتى يقص الله