بالأمر الإلهي ، وإن لم يعلم ذلك ، لأن النبي معصوم من الكبائر في الباطن ، لكنه لا يشعر على أنه قتله بالأمر الإلهي حتى يخبر به . ( ولهذا ) أي ، ولهذا الشعور والاطلاع ( أراه الخضر ، عليه السلام ، قتل الغلام ، فأنكر عليه قتله ولم يتذكر قتله القبطي . فقال له الخضر : ( ما فعلته عن أمري ) . ينبهه على مرتبته قبل أن ينبأ أنه كان معصوم الحركة في نفس الأمر ، وإن لم يشعر بذلك . وأراه أيضا خرق السفينة التي ظاهرها هلاك وباطنها نجاة من يد الغاصب . جعل له ذلك في مقابلة التابوت الذي كان له في اليم مطبقا عليه : فظاهره هلاك وباطنه نجاة . ) أي ، الخضر إنما أراده قتل الغلام وقال : ( ما فعلته عن أمري ) لينبه موسى ، عليه السلام ، على أن قتله القبطي أيضا كان كذلك بالأمر الإلهي ، لا من الشيطان ونفسه ، بل هو نبي معصوم عن الكبائر . وأراه خرق السفينة التي ظاهرها هلاك وباطنها نجاة من الغاصب في مقابلة التابوت الذي كان له في اليم . فإن خرق ظلمة هذه الطبيعة والبدن بالتوجه إلى الله وقهر النفس في الموت الإرادي ، وبالأمراض والمحن في الموت الطبيعي ، وإن كان ظاهره مشعرا بالهلاك ، ولكن باطنه عين النجاة . ( وإنما فعلت به أمه ذلك خوفا من يد الغاضب فرعون أن يذبحه ضيرا وهي تنظر إليه ) قوله : ( ضيرا ) ب ( الضاد ) المعجمة و ( الياء ) المنقوطة من تحت بنقطتين ، أي خوفا من أن يذبحه ذبحا مشتملا على الضرر العظيم لأمه ، لأن ذبح الولد على نظر أمه أشد إيلاما للأم من ذبحه على غير نظرها . في بعض النسخ : ( صبرا ) ويلائمه قوله : ( مع الوحي ) أي ، وإنما فعلت ما فعلت بالوحي ( الذي ألهمها الله به من حيث لا تشعر . فوجدت في نفسها أنها ترضعه ) أي ، علمت بالوجدان بأنها ترضعه وتربيه ( فإذا خافت عليه ، ألقته في اليم ، لأن في المثل ( عين لا ترى قلب لا يفجع ) فلم تخف عليه خوف مشاهدة عين