نفس الأمر ، فليس هذا الحلال عين ما كان حراما ، لأن الخلق لا يزال جديد ولا يقع التكرار في التجلي أبدا . ( فكنى عن هذا في حق موسى بتحريم المراضع . ) ( عن هذا ) إشارة إلى قوله : ( كذلك علم الشرائع . ) أي ، كنى عن علم الشرائع في حق موسى بتحريم المراضع ، أي ، أرضعته أمه الحقيقي التي ولدته ، لا غيرها . وإرضاعها إشارة إلى ربوبية الذات الإلهية بإعطائه العلم الشرعي ليجعله نبيا بين عباده . وتحريم إرضاع غير أمه ، إشارة إلى عدم تحققه بعلوم ما يتعلق بالولاية و أسرار الباطن ، إذ كان الغالب عليه علوم ما يتعلق بالنبوة والظاهر ، لذلك قال له الخضر ، عليه السلام : ( وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا ) . وقيل : قال له الخضر : إن الله قد أعطاك علما لم يعطني إياه ( وهو علم الظاهر ) ، وأعطاني علما لم يعطك إياه . ( وهو علم الباطن ) . ( فأمه ) أي ، فأم الولد . وليس المراد به موسى ، لأنه ما أرضعته غير أمه ، بل أورده تحقيقا لحق المرضعة على الولد . لذلك قال : فجعل الله ذلك لموسى في أم ولادته بعد هذا التحقيق ( على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته ، فإن أم الولادة حملته على جهة الأمانة ، فتكون فيها وتغذى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك حتى لا يكون لها عليه امتنان ، فإنه ما تغذى إلا بما أنه لو لم يتغذ به ولم يخرج عنها ذلك الدم ، لأهلكها وأمرضها . فللجنين المنة على أمه بكونه تغذى بذلك الدم فوقاها بنفسه من الضرر الذي كانت تجده لو امتسك ذلك الدم عندها ولا يخرج ولا يتغذى به جنينها . والمرضعة ليست كذلك ، فإنها قصدت برضاعته حياته ) أي ، قصدت برضاعها للولد حياته . فالإضافة إضافة إلى المفعول . ( وإبقائه . فجعل الله ذلك [17] لموسى في أم ولادته ، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلا لأم ولادته ، لتقر عينها أيضا بتربيته وتشاهد انتشائه في حجرها ، ( ولا تحزن ) و