الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال ( إن الله خلق آدم على صورته ) . و ليست صورته ) أي ، صورة الحق ( سوى الحضرة الإلهية ) وهي حضرة الأسماء والصفات . ( فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية ) التي هي النسب الذاتية ( وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل ، و جعله روحا للعالم ، فسخر له العلو والسفل لكمال الصورة . ) التي خلقه الله عليها . وإنما قال : ( وحقائق ما خرج عنه في العالم الكبير ) لأن جميع ما في العالم ليست موجودة في الإنسان بحسب صورها ، بل بحسب حقائقها وأعيانها التي هي بها هي . ( فكما أنه ليس شئ في العالم إلا وهو يسبح الله بحمده ، كذلك ليس شئ في العالم إلا وهو مسخر لهذا الإنسان لما تعطيه حقيقة صورته . ) إنما شبه تسخر العالم للإنسان بتسبيحه وتحميده للحق ، لأن تسخره للإنسان عبادة منه له ، و تلك العبادة يستلزم التنزيه والتحميد ، لأنه بعبادته للإنسان يوصل الهوية الإلهية الظاهرة في الصورة الإنسانية إلى الكمال الحقيقي والمقام الجمعي الإلهي ، وهو عين التنزيه من النقائص والاتصاف بالمحامد . فكأنه قال : فكما أنه يسبح للحق سبحانه ، كذلك هو يسبح الخليفة الذي هو الإنسان . وفي الحقيقة تنزيهه للإنسان وتسبيحه له ، أيضا تنزيه للحق وتسبيح له . ولا يعطى هذا التسخير إلا حقيقة الصورة الإنسانية ، لأن لها مقام الجمع الإلهي ، وجميع الأسماء سدنة ربه الذي هو الاسم الأعظم ، فمظاهرها أيضا مسخرة له . ثم ، استشهد بالآية تأنيسا للمحجوبين وتنبيها للطالبين : ( فقال : ( و سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه ) . فكل ما في العالم تحت تسخير الإنسان ، علم ذلك من علمه - وهو الإنسان الكامل - ) إذ هو الذي يعلمه بالكشف والعيان والذوق والوجدان ( وجهل ذلك من جهله ، وهو الإنسان ) صورة ( الحيوان ) معنى .