( وأما الحيوان فهو ذو إرادة وغرض ، فقد يقع منه الإباءة في بعض التصريف : فإن كان فيه ) أي ، في الحيوان . ( قوة إظهار ذلك الإباء ، ظهر منه الجموح لما يريده منه الإنسان . وإن لم يكن له هذه القوة أو يصادف ) غرض الإنسان ( غرض الحيوان انقاد ) الحيوان . ( مذللا لما يريده منه كما ينقاد ) الإنسان ( مثله ) من الأناسي . ( لأمر فيما رفعه الله به . ) ضمير ( رفعه الله به ) عائد إلى ( مثله ) أي ، في شئ رفع الله ذلك المثل به ، كالعلم والجاه والمنصب . ( من أجل المال الذي يرجوه منه المعبر عنه ) أي ، عن ذلك المال . ( في بعض الأحوال ب ( الأجرة ) ) وانقياد الإنسان لمثله ورفع بعضه على بعض منصوص عليه ( في قوله : ( رفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ) . فما تسخر له من هو مثله إلا من حيوانيته لا من إنسانيته . ) أي ، لا يسخر الإنسان إنسانا مثله إلا بحسب حيوانيته . فالمسخر هو الإنسانية ، والمتسخر هو الحيوانية ، لا الإنسانية . ( فإن المثلين ضدان ) ، من حيث إنهما لا يجتمعان . ( فيسخره الأرفع في المنزلة بالمال أو بالجاه بإنسانيته ويتسخر له ذلك الآخر إما خوفا ، أو طمعا ، من حيوانيته ، لا من إنسانيته . ) لما كان الإنسان لا يتسخر لمثله إلا من جهة نقصانه عنه وطمعه أن ينجبر ذلك النقصان منه - والنقائص للإنسان من جهة حيوانيته التي هي جهة بشريته ، والكمالات من جهة إنسانيته التي هي من جهة ربوبيته - أضاف التسخر إلى الحيوانية والتسخير إلى الإنسانية . ( فما تسخر له من هو مثله . ) أي ، في المرتبة . ( ألا ترى ما بين البهائم من التحريش ؟ [5] لأنها أمثال ، فالمثلان ضدان ، ولذلك قال : ( ورفع بعضكم فوق بعض درجات ) . ) أي لأجل أن المتماثلين لا يسخر بعضه بعضا ، قال تعالى : ( و رفع بعضكم فوق بعض درجات ) . ليحصل التفاوت في المراتب ، فيحصل