يدرك المعاني الجزئية في المحسوسات وأحكامه في المعاني الجزئية أكثرها صحيحة ، ويحكم في المعقولات والمعاني الكلية بأحكام كلها فاسدة إلا ما شاء الله ، غير مناسب لما ذكره الشيخ [12] رضى الله عنه . لأنه ذكر أن الوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الإنسانية وبه جاءت الشرائع المنزلة ، فهو في صدد تصويب أحكام الوهم ، تخطئته [13] . ( فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة . ) لما نقل كلامه ، رضى الله عنه ، إلى قوله تعالى رسل الله : الله أعلم حيث يجعل رسالاته ، وذكر أن لها وجها إلى الخبرية ووجها إلى الابتدائية ، وبين التنزيه والتشبيه في المثال ، قال منتجا عما ذكره : ( فالله على التحقيق عبارة ) أي ، فلفظ ( الله ) في ( الله أعلم ) في الحقيقة عبارة عن حقيقة ظهرت في صور الرسل لمن فهم ما أشرنا إليه من جعلنا ( الله ) خبرا ( الرسل ) . ( وروح هذه الحكمة وفصها أن الأمر ينقسم إلى مؤثر ومؤثر فيه . وهما عبارتان : فالمؤثر بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة هو ( الله ) . والمؤثر فيه بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة هو ( العالم ) . ) هذا كلام مستأنف . أي ، روح هذه الحكمة ( الإيناسية ) وخلاصتها أن الأمر الإلهي وشأنه منقسم إلى مؤثر ومؤثر فيه ( وهما عبارتان ) أي ، لفظا ( المؤثر ) و ( المؤثر فيه ) عبارتان بحسب الظهور في مراتب الكثرة عن الحقيقة الواحدة الظاهرة فيها ، إذ حقيقة المؤثر والمؤثر فيه واحدة . ( فالمؤثر بكل وجه وعلى كل حال هو ( الله ) . ) أي ، سواء كان التأثير حاصلا من مظهر من المظاهر الكونية ، أو اسم من الأسماء الإلهية ، فإن ( المؤثر ) هو الذات الإلهية بحسب أسمائها وصفاتها ، لأنها علة العلل ومبدأ كل شئ
[12] - أي ، الشيخ الكبير رضى الله عنه . [13] - ذكر الشيخ الكبير في الفصوص والفتوحات المكية وصرح فيهما أن الوهم والخيال ملكان في هذا العالم . وقال بعض الأساتيذ يجب علينا البناء على أن لا نتخيل ولا نتوهم ، والكشف التام المحمدي الظاهر في المظهر العلوي يجعل الخيال والوهم منقادا مطيعا تابعا .