في الأزل . و ( المؤثر فيه ) هو أعيان العالم ، لأنها محل ولايات الأسماء ومظهرها . وإنما جعل انقسام الأمر إليهما روح هذه الحكمة ، لأن بين العلة والمعلول لا بد من مناسبة رابطة بينهما ، وتلك المناسبة هي المؤانسة الثابتة بين الحق والعالم . ( فإذا ورد ) الوارد الإلهي ( فألحق كل شئ بأصله الذي يناسبه . ) أي ، إن كان الوارد عن الحضرة الإلهية ، كالوجود والعلم والقدرة وأمثال ذلك من الكمالات الإلهية ، فألحق إليها . وإن كان عن حضرة أعيان العالم ، كالفقر والاحتياج والإمكان وغير ذلك من النقائص الكونية ، فأسند إلى العالم . ( فإن الوارد أبدا لا بد أن يكون فرعا عن أصل ) وأصل كل شئ هو الكلى الذي يناسبه جزئية المتفرع عليه ، [14] لذلك قال : ( كما كانت المحبة الإلهية عن النوافل من العبد . ) إذ النوافل من العبد هي الكمالات التي ظهر بها العبد و أقامها ، فلا جرم استلزمت المحبة الإلهية التي هي أيضا كمال وسبب لحصول
[14] - واعلم أنه قد ذهب أرباب المعرفة أن الجزئي تابع للكلي . لأن المراد من ( الكلى ) باصطلاح هذه الطائفة هو ( العين الثابت ) لكل شئ التي يعبر عنها بحقيقة الممكنات في علم الله ، أي ، العلم التفصيلي في الواحدية و ( القدر الأول ) . والاسم المناسب لكل عين يتجلى فيه ، ويظهر ظل كل عين في الخارج ، لا أصله ، كما أن الأسماء من جهة معقوليتها لا يظهر في الخارج أصلا ، وما في الخارج ظل كل اسم . وأما ( الجزئي ) في اصطلاح أرباب الحكمة متبوع و ( الكلى ) تابع ، لأنه ينتزع من الجزئيات . وأما الصور القدرية ، أو الأعيان الثابتة ، باعتبار تحققها في مرتبة علمه التفصيلي بالأشياء مطلقة بإطلاق الأسماء الإلهية . قال صدر أئمة الحكمة الإيمانية في الأسفار ، وغيرها : إن الكلية والجزئية ترجعان إلى نحوين من الوجود . لأن المهية لا كلية ولا جزئية . فالماهية إذا تحققت بالوجود السعي الإحاطي تكون كلية ، وفي تحققها بالوجود المادي المحدود في عالم الزمان والمكان جزئية . بعبارة أخرى ، ملاك إدراك الكليات إنما يكون باتصال النفس بالعقل الفعال ، أو غيره من العقول ، أو اتصالها بعالم الأعيان القدرية في الواحدية ، لأن للقدر مراتب : أعلاها ( القدر الأول ) ، وأدناها ( القدر العيني ) في عالم المثال ، أو مرتبة أنزل منه وهو عالم المادة . فافهم فهم عقل . ( ج )