أهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم ، فيسألونها باسم ( الله ) ، فيقولون : يا الله ارحمنا . ولا يرحمهم إلا بقيام الرحمة بهم . ) ( الأثر الآخر ) هو أثر الرحمة الرحيمية المعطية لكل عين ما يوصل إلى كمالها ، إما بسؤال لسان الاستعداد ، أو بسؤال لسان الحال والقال ، كما مر من قبل [5] فيسأل المحجوبون أن يرحمهم الحق الذي هو معتقدهم ، ويغفر لذنوبهم ويتجاوز عنهم رغبة في الجنة وهربا من النار . و أهل الكشف يسألون أن يتصفوا بالرحمة ، فيقومون بها من الحضرة الإلهية المطلقة ، لا من الإلهية المقيدة ، فيقولون : يا الله ارحمنا بلسان استعداداتهم . ولا يرحمهم إلا بأن يجعل قيام الرحمة بهم ، فيكونوا راحمين لأنفسهم ولغيرهم من المستعدين بإيصالهم إلى الكمال . هذا بالنسبة إلى بعض المكاشفين ، لا بالنسبة إلى المحققين ، فإنهم يختارون مقام العبودية على الربوبية [6] ويجوز أن يكون بالنسبة إلى جميع المكاشفين ويكون المراد الاتصاف بها ، لا الظهور بها ، فإن الكمل لا يطلبون الظهور بالصفة الرحمانية . ( فلها الحكم ، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل ، فهو الراحم على الحقيقة . ) أي ، فللرحمة الحكم في كل مرحوم ، لأن المعنى القائم بالمحل ، هو الحاكم في الحقيقة على نفس المحل ، أو على من دونه . أ لا ترى أن السلطنة تحكم على نفس السلطان بأمور لو انعزل لا يكون له تلك الأحكام . فذلك
[5] - في ( الفص الشيثي ) . [6] - لأن في العبودية جوهرة كنهها الربوبية ، وما فقد من العبودية وجد في الربوبية . كما قال ختم الأولياء ، الأمام جعفر الصادق ، عليه السلام ، على ما في مصباح الشريعة وذيله : ( و ما خفى عن الربوبية أطيب في العبودية ) . فالعبودية إذا بلغت إلى كمالها ، يظهر أسرار الربوبية في القلب المتحقق بالعبودية . ولسان هذا المقام : ( على أذن الله الواعية ، وعين الله الباصرة ) . ولما يصل الفيض من الإنسان الحادث الأزلي والنش ء الأبدي ، قيل : ( على قلب الله ) . لأن الفيض منه يصل إلى العالم . ومن جهة فنائه الذاتي في الحق ، يصير آلة فعل الحق ، وإليه يستند في المقام ما يستند إلى الله في الفناء الأسمائي ، صلى الله عليه و سلم . ( ج )