طَالِبٍ إذَا ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى طَلَبِ مُسْتَحِقِّهِ .وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَسْتَوْفِيهَا مَعًا إلَّا بِخَصْمٍ مَطَالِبِ .وَالثَّامِنُ : النَّظَرُ فِي مَصَالِحِ عَمَلِهِ مِنْ الْكَفِّ عَنْ التَّعَدِّي فِي الطُّرُقَاتِ وَالْأَفْنِيَةِ وَإِخْرَاجِ مَا لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الْأَجْنِحَةِ وَالْأَبْنِيَةِ ، وَلَهُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالنَّظَرِ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهُ خَصْمٌ .وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ فِيهَا إلَّا بِحُضُورِ خَصْمٍ مُسْتَعْدٍ ، وَهِيَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي يَسْتَوِي فِيهَا الْمُسْتَعْدِي وَغَيْرُ الْمُسْتَعْدِي فَكَانَ تَفَرُّدُ الْوِلَايَةِ بِهَا أَخَصَّ .وَالتَّاسِعُ : تَصَفُّحُ شُهُودِهِ وَأُمَنَائِهِ وَاخْتِيَارُ النَّائِبِينَ عَنْهُ مِنْ خُلَفَائِهِ فِي إقْرَارِهِمْ وَالتَّعْوِيلِ عَلَيْهِمْ مَعَ ظُهُورِ السَّلَامَةِ وَالِاسْتِقَامَةِ وَصَرْفِهِمْ وَالِاسْتِبْدَالِ بِهِمْ مَعَ ظُهُورِ الْجُرْحِ وَالْخِيَانَةِ .وَمَنْ ضَعُفَ مِنْهُمْ عَمَّا يُعَانِيهِ كَانَ مُوَلِّيهِ بِالْخِيَارِ مِنْ أَصْلَحِ الْأَمْرَيْنِ : إمَّا أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِهِ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ وَأَكْفَى ، وَإِمَّا أَنْ يَضُمَّ إلَيْهِ مَنْ يَكُونُ اجْتِمَاعُهُ عَلَيْهِ أَنْفَذَ وَأَمْضَى .وَالْعَاشِرُ : التَّسْوِيَةُ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ الْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ وَالْعَدْلُ فِي الْقَضَاءِ بَيْنَ الْمَشْرُوفِ وَالشَّرِيفِ ، وَلَا يَتَّبِعْ هَوَاهُ فِي تَقْصِيرِ الْمُحِقِّ أَوْ مُمَايَلَةِ مُبْطِلٍ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : * ( يَا دَاوُد إنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ) * .وَقَدْ اسْتَوْفَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي عَهْدِهِ إلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ شُرُوطَ الْقَضَاءِ وَبَيَّنَ أَحْكَامَ التَّقْلِيدِ فَقَالَ فِيهِ : أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ الْقَضَاءَ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ وَسُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ ، فَافْهَمْ إذَا أُدْلِيَ إلَيْكَ ، فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُ تَكَلُّمٌ بِحَقٍّ لَا نَفَاذَ لَهُ ، وَآسِ بَيْنَ النَّاسِ فِي وَجْهِكَ وَعَدْلِكَ وَمَجْلِسِكَ حَتَّى لَا يَطْمَعَ شَرِيفٌ فِي حَيْفِكَ وَلَا يَيْأَسَ ضَعِيفٌ مِنْ عَدْلِكَ .الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنْ ادَّعَى وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ ؛ وَالصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا ؛ وَلَا يَمْنَعُكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ أَمْسِ فَرَاجَعْتَ الْيَوْمَ فِيهِ عَقْلَكَ وَهُدِيتَ فِيهِ لِرُشْدِكَ أَنْ تَرْجِعَ إلَى الْحَقِّ فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ ، وَمُرَاجَعَةُ الْحَقِّ خَيْرٌ مِنْ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ ؛ الْفَهْمَ الْفَهْمَ فِيمَا تَلَجْلَجَ فِي صَدْرِكَ مِمَّا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا سُنَّةِ نَبِيِّهِ ، ثُمَّ اعْرِفْ الْأَمْثَالَ وَالْأَشْبَاهَ ؛ وَقِسْ الْأُمُورَ بِنَظَائِرِهَا ، وَاجْعَلْ لِمَنْ ادَّعَى حَقًّا غَائِبًا أَوْ بَيِّنَةً أَمَدًا يَنْتَهِي إلَيْهِ ، فَمَنْ أَحْضَرَ بَيِّنَةً أَخَذْتَ لَهُ بِحَقِّهِ وَإِلَّا اسْتَحْلَلْتَ الْقَضِيَّةَ عَلَيْهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَنْفَى لِلشَّكِّ وَأَجْلَى لِلْعَمَى ؛ وَالْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إلَّا مَجْلُودًا فِي حَدٍّ أَوْ مُجَرَّبًا عَلَيْهِ