شَهَادَةُ زُورٍ أَوْ ظِنِّينًا فِي وَلَاءٍ أَوْ نَسَبٍ ، فَإِنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْ الْأَيْمَانِ وَدَرَأَ بِالْبَيِّنَاتِ .وَإِيَّاكَ وَالْقَلَقَ وَالضَّجَرَ وَالتَّأَفُّفَ بِالْخُصُومِ فَإِنَّ الْحَقَّ فِي مَوَاطِنِ الْحَقِّ يُعَظِّمُ اللَّهُ بِهِ الْأَجْرَ وَيُحْسِنُ بِهِ الذِّكْرَ ، وَالسَّلَامُ .فَإِنْ قِيلَ : فَفِي هَذَا الْعَهْدِ خَلَلٌ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدِهِمَا خُلُوُّهُ مِنْ لَفْظِ التَّقْلِيدِ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِ الْوِلَايَةُ : وَالثَّانِي اعْتِبَارُهُ فِي الشُّهُودِ عَدَالَةَ الظَّاهِرِ وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ عَدَالَةُ الْبَاطِنِ بَعْدَ الْكَشْفِ وَالْمَسْأَلَةِ .قِيلَ : أَمَّا خُلُوُّهُ عَنْ لَفْظِ التَّقْلِيدِ فَفِيهِ جَوَابَانِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ التَّقْلِيدَ تَقَدَّمَهُ لَفْظًا وَجُعِلَ الْعَهْدُ مَقْصُورًا عَلَى الْوِصَايَةِ وَالْأَحْكَامِ .وَالثَّانِي : أَنَّ أَلْفَاظَ الْعَهْدِ تَتَضَمَّنُ مَعَانِيَ التَّقْلِيدِ مِثْلَ قَوْلِهِ " فَافْهَمْ إذَا أُدْلِيَ إلَيْكَ " وَكَقَوْلِهِ " فَمَنْ أَحْضَرَ بَيِّنَةً أَخَذْتَ لَهُ بِحَقِّهِ وَإِلَّا اسْتَحْلَلْتَ الْقَضِيَّةَ عَلَيْهِ " فَصَارَ فَحْوَى هَذِهِ الْأَوَامِرِ مَعَ شَوَاهِدِ الْحَالِ مُغْنِيًا عَنْ لَفْظِ التَّقْلِيدِ .وَأَمَّا اعْتِبَارُهُ فِي الشُّهُودِ عَدَالَةَ الظَّاهِرِ فَفِيهِ جَوَابَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَرَى ذَلِكَ فَذَكَرَهُ إخْبَارًا عَنْ اعْتِقَادِهِ فِيهِ لَا أَمْرًا بِهِ ، وَالثَّانِي مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ بَعْدَ الْكَشْفِ وَالْمَسْأَلَةِ عُدُولٌ مَا لَمْ يَظْهَرْ جُرْحٌ إلَّا مَجْلُودًا فِي حَدٍّ ، وَلَيْسَ لِهَذَا الْقَاضِي وَإِنْ عَمَّتْ وِلَايَتُهُ جِبَايَةُ الْخَرَاجِ ، لِأَنَّ مَصْرِفَهُ مَوْقُوفٌ عَلَى رَأْيِ غَيْرِهِ مِنْ وُلَاةِ الْجُيُوشِ ، فَأَمَّا أَمْوَالُ الصَّدَقَاتِ فَإِنْ اُخْتُصَّتْ بِنَاظِرٍ خَرَجَتْ عَنْ عُمُومِ وِلَايَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ يُنْدَبْ لَهَا نَاظِرٌ فَقَدْ قِيلَ تَدْخُلُ فِي عُمُومِ وِلَايَتِهِ فَيَقْبِضُهَا مِنْ أَهْلِهَا وَيَصْرِفُهَا فِي مُسْتَحَقِّيهَا ، لِأَنَّهَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَنْ سَمَّاهُ لَهَا .وَقِيلَ لَا تَدْخُلُ فِي وِلَايَتِهِ وَيَكُونُ مَمْنُوعًا مِنْ التَّعَرُّضِ لَهَا لِأَنَّهَا مِنْ حُقُوقِ الْأَمْوَالِ الَّتِي تُحْمَلُ عَلَى اجْتِهَادِ الْأَئِمَّةِ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي إمَامَةِ الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ ، فَأَمَّا إنْ كَانَتْ وِلَايَتُهُ خَاصَّةً فَهِيَ مُنْعَقِدَةٌ عَلَى خُصُوصِهَا وَمَقْصُورَةُ النَّظَرِ عَلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ كَمَنْ قُلِّدَ الْقَضَاءَ فِي بَعْضِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْأَحْكَامِ أَوْ فِي الْحُكْمِ بِإِقْرَارٍ دُونَ الْبَيِّنَةِ أَوْ فِي الدُّيُونِ دُونَ الْمَنَاكِحِ أَوْ فِي مُقَدَّرٍ بِنِصَابٍ فَيَصِحُّ هَذَا التَّقْلِيدُ وَلَا يَصِحُّ لِلْمُوَلِّي أَنْ يَتَعَدَّاهُ لِأَنَّهَا اسْتِنَابَةٌ فَصَحَّتْ عُمُومًا وَخُصُوصًا كَالْوَكَالَةِ . فصل وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي عَامَّ النَّظَرِ خَاصَّ الْعَمَلِ ، فَيُقَلَّدُ النَّظَرَ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ الْبَلَدِ أَوْ فِي مَحَلَّةٍ مِنْهُ فَيَنْفُذُ جَمِيعُ أَحْكَامِهِ فِي الْجَانِبِ الَّذِي قَلَّدَهُ وَالْمَحَلَّةِ الَّتِي عُيِّنَتْ لَهُ ، وَيَنْظُرُ فِيهِ بَيْنَ سَاكِنِيهِ وَبَيْنَ الطَّارِئِينَ إلَيْهِ ، لِأَنَّ الطَّارِئَ إلَيْهِ كَالسَّاكِنِ فِيهِ إلَّا أَنْ يَقْتَصِرَ بِهِ عَلَى النَّظَرِ بَيْنَ سَاكِنِيهِ دُونَ الْغَرِيبِينَ وَالطَّارِئِينَ إلَيْهِ فَلَا يَتَعَدَّاهُمْ .وَلَوْ قُلِّدَ جَمِيعَ الْبَلَدِ لِيَحْكُمَ فِي أَحَدِ جَانِبَيْهِ أَوْ فِي مَحَلَّةٍ مِنْهُ أَوْ فِي دَارٍ مِنْ