الأول : أن يضمن الضرر الأشد نظرا إلى إن الغير قد سبب إلى الضرر - حسب الفرض - والضرر الواقع إنما هو الضرر الأشد دون الأخف ليكون ضامنا له ، فيكون ضامنا له لما وقع لا محالة . الثاني : أن يضمن الجامع بين الضررين ، نظرا إلى إن الغير إنما سبب إلى وقوع المضطر في أحدهما ، وإنما كان وقوعه في الأشد باختيار منه لا بتسبيب من الغير فيكون ضامنا إياه . الثالث : أن يقال إنه إذا كان المضطر عالما بأشدية أحد الضررين من الاخر ، أو احتمله احتمالا معتدا به عقلاء فإنه لا يضمنه الغير أصلا ، وأما إذا كان جاهلا بأشدية أحد الضررين أو احتمله احتمالا ضعيفا لا يجب الاعتناء به عقلاء ، فإن حكمه حكم صورة التساوي ويكون الغير ضامنا لما ارتكبه المضطر منهما . وهذا الوجه هو الصحيح وذلك لان ما سبب إليه الغير أولا وبالذات إنما هو أحد الضررين ، ولكن هذا العنوان الانتزاعي إنما ينطبق عقلاء على خصوص الأخف فيما إذا كان المضطر عالما بأشدية أحد الضررين ، أو محتملا لها احتمالا معتدا به ، فلا يكون ارتكاب الأشد مستندا إلى تسبيب الغير في هذه الحالة لكي يكون ضامنا له ، وهذا بخلاف ما إذا كان جاهلا بها أو محتملا لها احتمالا ضعيفا فإن العنوان الانتزاعي في هذه الحالة ينطبق على ما ارتكبه المضطر منهما كما في حالة تساوي المحتملين - فيكون ضامنا لذلك . وتوضيح هذا المعنى بحاجة إلى الرجوع إلى كيفية تطبيق الحكم بالضمان في مورد التسبيب إلى أحد الضررين ، لكي يتضح تخريج هذا الوجه في ضوء ذلك فنقول : إن التسبيب إلى أحد الضررين لا يستوجب الضمان بهذا العنوان لان عنوان الأحد عنوان انتزاعي جامع بين الضررين ،