إلى العمل به وذلك إذا نظرنا إلى المصلحة فإنه لا يخلو إما أن يكون في هذه الأحداث مصلحة أولا والثاني لا يقول به أحد والأول إما أن تكون تلك المصلحة الحادثة آكد من المصلحة الموجودة في زمان التكليف أولا ولا يمكن أن يكون مع كون المحدثة زيادة تكليف ونقضه عن المكلف أحرى بالأزمنة المتأخرة لما يعلم من قصور الهمم واستيلاء الكسل ولأنه خلاف بعث النبي صلى الله عليه وسلم بالحنفية السمحة ورفع الحرج عن الأمة وذلك في تكليف العبادات لان العادات أمر آخر - كما سيأتي - وقد مر منه فلم يبق إلا أن تكون المصلحة الظاهرة الآن مساوية للمصلحة الموجودة في زمان التشريع أو أضعف منها وعند ذلك تصير الاحداث عبثا أو استدراكا على الشارع لأن تلك المصلحة الموجودة في زمان التشريع إن حصلت للأولين من غير هذا الإحداث إذا عبث إذ لا يصح أن يحصل للأولين دون الآخرين فقد صارت هذه الزيادة تشريعا بعد الشارع بسبب الآخرين ما فات للأولين فلم يكمل الدين إذا - دونها ومعاذ الله من هذا المأخذ وقد ظهر من العادات الجارية فيما نحن فيه أن ترك الأولين لأمر ما من غير أن يعينوا فيه وجها مع احتماله في الأدلة الجملية ووجود المظنة دليل على أن ذلك الأمر لا يعمل به وأنه إجماع منهم على تركه قال ابن رشد في شرح مسألة العتبية الوجه في ذلك أنه لم يرد مما شرع في الدين - يعنى سجود الشكر - فرضا ولا نفلا إذ لم يأمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ولا فعله ولا أجمع المسلمون على اختيار فعله والشرائع لا تثبت إلا من أحد هذه الأمور قال واستدلاله على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعل لك ولا المسلمون بعده بأن ذلك لو كان لنقل صحيح إذ لا يصح ان تتوفر الدواعي على ترك نقل شريعة من شرائع الدين وقد أمر بالتبليغ قال وهذا أصل من الأصول وعليه يأتي إسقاط الزكاة من الخضر والبقول مع وجود الزكاة فيها لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما سقت السماء والعيون البعل العشر وفيما سقى بالنضح نصف العشر لأنا نزلنا ترك نقل أخذ النبي صلى الله عليه وسلم الزكاة منها كالسنة القائمة في أن لا زكاة فيها فكذلك نزل ترك نقل السجود عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشكر كالسنة القائمة في أن لا سجود فيها ثم حكى خلاف الشافعي والكلام عليه والمقصود من المسألة توجيه مالك لها من حيث إنها بدعة لا توجيه أنها بدعة على الإطلاق .