responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإعتصام نویسنده : إبراهيم بن موسى اللخمي الشاطبي الغرناطي    جلد : 1  صفحه : 252


ومن ذلك الاقتصار في الملبس على الخشن من غير ضرورة فإنه من قبيل التشديد والتنطع المذموم وفيه أيضا من قصد الشهرة ما فيه وقد روى عن الربيع بن زياد الحارثي أنه قال لعلى بن أبى طالب رضى الله عنه أغد بي على أخي عاصم قال ما باله قال لبس العباء يريد النسك . فقال على رضى الله عنه على به فأتى به مؤتزرا بعباءة مرتديا بالأخرى شعث الرأس واللحية فعبس في وجهه وقال ويحك أما استحييت من أهلك أما رحمت ولدك أترى الله أباح لك الطيبات وهو يكره أن تنال منها شيئا بل أنت أهون على الله من ذلك أما سمعت الله يقول في كتابه « والأرض وضعها للأنام » - إلى قوله « يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان » أفترى الله أباح هذه لعباده إلا ليبتذلوه ويحمدوا الله عليه فيثبتهم عليه وإن ابتذالك نعم الله بالفعل خير منه بالقول قال عاصم فما بالك في خشونة مأكلك وخشونة ملبسك قال ويحك إن الله فرض على أئمة الحق أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس فتأملوا كيف لم يطالب الله العباد بترك الملذوذات وإنما طالبهم بالشكر عليها إذا تناولوها فالمتحري للامتناع من تناول ما أباحه الله من غير موجب شرعي مفتات على الشارع وكل ما جاء عن المتقدمين من الامتناع عن بعض المتناولات من هذه الجهة وإنما امتنعوا منه لعارض شرعي يشهد الدليل باعتباره كالامتناع من التوسع لضيق الحال في يده أو لان المتناول ذريعة إلى ما يكره أو يمنع أو لأن في المتناول وجه شبهة تفطن إليه التارك ولم يتفطن إليه غيره ممن علم بامتناعه . وقضايا الأحوال لا تعارض الأدلة بمجردها لاحتمالها في أنفسها . وهذه المسئلة مذكورة على وجهها في كتاب الموافقات ومن ذلك الاقتصار في الأفعال والأحوال على ما يخالف محبة النفوس وحملها على ذلك في كل شئ من غير استثناء فهو من قبيل التشديد ألا ترى أن الشارع أباح أشياء مما فيه قضاء تهمة النفس وتمتعها واستلذاذها فلو كانت مخالفتها برا لشرع ولندب الناس إلى تركه فلم يكن مباحا بل مندوب الترك أو مكروه الفعل وأيضا فإن الله تعالى وضع في الأمور المتناولة إيجابا أو ندبا أشياء من المستلذات الحاملة على تناول تلك الأمور لتكون تلك اللذات كالحادي إلى القيام بتلك الأمور كما جعل في الأوامر إذا امتثلت وفي النواهي إذا اجتنبت أجورا منتظرة ولو شاء لم

252

نام کتاب : الإعتصام نویسنده : إبراهيم بن موسى اللخمي الشاطبي الغرناطي    جلد : 1  صفحه : 252
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست