الثاني أن يكون مجرد ترك لا لغرض بل لأن النفس تكرهه بطبعها أو لا تكرهه حتى تستعمله أولا تجد ثمنه أو تشتغل بما هو آكد وما أشبه ذلك ومنه ترك النبي صلى الله عليه وسل لأكل الضب لقوله فيه إنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه ولا يسمى مثل هذا تحريما لأن التحريم يستلزم القصد إليه وهذا ليس كذلك الثالث ان يمتنع لنذره التحريم أو ما يجرى مجرى النذر من العزيمة القاطعة للعذر كتحريم النوم على الفراش سنة وتحريم الضرع وتحريم الادخار لغد وتحريم اللين من الطعام واللباس وتحريم الوطء والاستلذاذ بالنساء في الجملة وما أشبه ذلك الرابع أن يحلف على بعض الحلال ان لا يفعله ومثله قد يسمى تحريما قال إسماعيل القاضي إذا قال الرجل لأمته والله لا أقربها فقد حرمها على نفسه باليمين فإذا غشيها وجبت عليه كفارة اليمين وأتى بمسئلة ابن مقرن في سؤاله ابن مسعود رضى الله عنه إذ قال إني حلفت أن لا أنام على فراشي سنة - قال - فتلا عبد الله « يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم » الآية وقال له كفر عن يمينك ونم على فراشك . فأمره أن لا يحرم ما أحل الله له وان يكفر من أجل اليمين فهذا الإطلاق يقتضى أنه نوع من التحريم وله وجه ظاهر فقد أشار إليه إسماعيل إلى أن الرجل كان إذا حلف أن لا يفعل شيئا من الحلال لم يجز له أن يفعله حتى نزلت كفارة اليمين لأجل ما كان قبل من التحريم ولما وردت الكفارة سمى تحريما ومن ثم - والله أعلم - سميت كفارة المسألة الثانية أن الآية التي نحن بصددها ينظر فيها على أي معنى يطلق التحريم أما الأول فلا مدخل له ها هنا لأن التحريم تشريع كالتحليل والتشريع ليس إلا لصاحب الشرع اللهم إلا أن يدخل مبتدع رأيا كان من أهل الجاهلية أو من أهل الإسلام فهذا أمر آخر يجل السلف الصالح عن مثله فضلا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخصوص وقد وقع للمهلب في شرح البخاري ما قد يشعر بأن المراد في الآية التحريم بالمعنى الأول فقال التحريم إنما هو لله ولرسوله فلا يحل لأحد أن يحرم شيئا وقد وبخ الله من فعل ذلك فقال « لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا » فجعل