وأبى الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال ما شأنك متبذلة قالت إن أخاك أبا الدرداء ليست له حاجة في الدنيا قال فلما جاء أبو الدرداء قرب إليه طعاما فقال كل فإني صائم قال ما أنا بآكل حتى تأكل قال فأكل فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء ليقوم فقال له سلمان نم فنام ثم ذهب يقوم فقال له نم فنام فلما كان عند الصبح قال له سلمان قم الآن فقاما فصليا فقال سمان إن لنفسك عليك حقا ولربك عليك حقا ولضيفك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط لكل ذي حق حقه فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له فقال صدق سلمان قال الترمذي صحيح وهذا الحديث قد جمع التنبيه على حق الأهل بالوطء والاستمتاع وما يرجع إليه والضيف بالخدمة والتأنيس والمواكلة وغيرها والولد بالقيام عليهم بالاكتساب والخدمة والنفس بترك إدخال المشقات عليها وحق الرب سبحانه بجميع ما تقدم وبوظائف أخر فرائض ونوافل آكد مما هو فيه والواجب أن يعطى لكل ذي حق حقه وإذا التزم الإنسان أمرا من الأمور المندوبة أو أمرين أو ثلاثة فقد يصده ذلك عن القيام بغيرها أو عن كماله على وجهه فيكون ملوما والثالث خوف كراهية النفس لذلك العمل الملتزم لأنه قد فرض من جنس ما يشق الدوام عليه فتدخل المشقة بحيث لا يقرب من وقت العمل إلا والنفس تشمئز منه وتود لو لم تعمل أو تتمنى لو لم تلتزم وإلى هذا المعنى يشير حديث عائشة رضى الله تعالى عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق ولا تبغضوا لأنفسكم عبادة الله فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى يشبه الموغل بالعنف بالمنبت وهو المنقطع في بعض الطريق تعنيفا على الظهر - وهو المركوب - حتى وقف فلم يقدر على السير ولو رفق بدايته لوصل إلى رأس المسافة فكذلك الإنسان عمره مسافة والغاية الموت ودابته نفسه فكما هو المطلوب بالرفق بنسفه حتى يسهل عليها قطع مسافة العمر بحمل التكليف فنهى في الحديث عن التسبب في تبغيض العبادة للنفس وما نهى الشرع عنه لا يكون حسنا وخرج الطبري من حديث ابن عباس رضى الله عنهما قال لما نزلت « يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا » دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا ومعاذا فقال انطلقا فبشرا ويسرا