عنهما فقال يا ابنة أبى أمية سألت عن الركعتين بعد العصر أتى ناس من عبد القيس بالإسلام من قومهم فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان لأنه سئل عن صلاته لهما بعد ما نهى عنهما فإنه صلى الله عليه وسلم كان يصليهما بعد الظهر كالنوافل الراتبة فلما فاتتاه صلاهما بعد وقتهما كالقضاء لهما حسبما يقضى الواجب فصار حينئذ لهذا النوع حالة من التطوع بين حالتين إلا أنه راجع إلى خيرة المكلف بحسب ما فهمنا من الشرع وإذا كان كذلك فقد فهمنا من مقصود الشرع أيضا الأخذ بالرفق والتيسير وأن لا يلزم المكلف ما لعله يعجز عنه أو يحرج بالتزامه فإن ترك الالتزام إن لم يبلغ مبلغ القدر الذي يكره ابتداء فهو يقرب من العهد الذي يجعله الإنسان بينه وبين ربه والوفاء بالعهد مطلوب في الجملة فصار الإخلال به مكروها والدليل على صحة الأخذ بالرفق وأنه الأولى والأحرى - وإن كان الدوام على العمل أيضا مطلوبا عتيدا - في الكتاب والسنة واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم على قول طائفة من المفسرين أن الكثير من الأمر واقع في التكاليف الإسلامية ومعنى لعنتم لحرجتم ولدخلت عليكم المشقة ودين الله لا حرج فيه « ولكن الله حبب إليكم الإيمان » بالتسهيل والتيسير « وزينه في قلوبكم » الآية وإنما بعث النبي صلى الله عليه وسلم بالحنيفية السمحة ووضع الإصر الأغلال التي كانت على غيرهم وقال الله تعالى في صفة نبيه صلى الله عليه وسلم « عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم » وقال تعالى « يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر » وقال « يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا » وسمى الله تعالى الأخذ بالتشديد على النفس اعتداء فقال تعالى « يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا » ومن الأحاديث كثير كمسألة الوصال ففي الحديث عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة لهم قالوا إنك تواصل قال إني لست كهيئتكم إني أبيت عند ربى يطعمني ويسقيني وعن أنس رضى الله عنه قال واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر شهر رمضان فواصل