وقد مر أنه إنما سماها باعتبار ما وأن قيام الإمام بالناس في المسجد في رمضان سنة عمل بها صاحب السنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما تركها خوفا من الافتراض فلما انقضى زمن الوحي زالت العلة فعاد العمل بها إلى نصابه إلا أن ذلك لم يتأت لأبى بكر رضى الله عنه زمان خلافته لمعارضة ما هو أولى بالنظر فيه وكذلك صدر خلافة عمر رضى الله عنه حتى تأتى النظر فوقع منه لكنه صار في ظاهر الأمر كأنه أمر لم يجر به عمل من تقدمه دائما فسماه بذلك الاسم لا أنه أمر على خلاف ما ثبت من السنة فكأن أبا أمامة رضى الله عنه اعتبر فيه نظر ذلك العمل به فسماه إحداثا موافقة لتسمية عمر رضى الله عنه ثم أمر بالمداومة عليه بناء على ما فهم من هذه الآية من أن ترك الرعاية هو ترك دوامهم على التزام عمل ليس بمكتوب له هو مندوب فلم يوفوا بمقتضى ما التزموه لأن الأخذ في التطوعات الغير اللازمة ولا السنن الراتبة يقع على وجهين أحدهما أن تؤخذ على أصلها فيما استطاع الإنسان فتارة ينشط لها وتارة لا ينشط أو يمكنه تارة بحسب العادة ولا يمكنه أخرى لمزاحمة أشغال ونحوها وما أشبه ذلك كالرجال يكون له اليوم ما يتصدق به فيتصدق ولا يكون له ذلك غدا أو يكون له إلا أنه لا ينشط للعطاء أو يرى إمساكه أصلح في عادته الجارية له أو غير ذلك من الأمور الطارئة للإنسان فهذا الوجه لا حرج على أحد ترك التطوعات كلها ولا لوم عليه إذ لو كان ثم لوم أو عتب لم يكن تطوعا وهو خلاف الفرض والثاني أن تؤخذ مأخذ الملتزمات كالرجل يتخذ لنفسه وظيفة راتبة من عمل صالح في وقت من الأوقات كالتزام قيام حظ من الليل مثلا وصيام يوم بعينه لفضل ثبت فيه على الخصوص كعاشوراء وعرفة أو يتخذ وظيفة من ذكر الله بالغداة والعشي وما أشبه ذلك فهذا الوجه أخذت فيه التطوعات مأخذ الواجبات من وجه لأنه لما نوى الدؤوب عليها في الاستطاعة أشبهت الواجبات والسنن الراتبة كما أنه لو كان ذلك الإيجاب غير لازم بالشرع لم يصر واجبا إذ تركه أصلا لا حرج فيه في الجملة أعني ترك الالتزام ونظيره عندنا النوافل الراتبة بعد الصلوات فإنها مستحبة في الأصل ومن حيث صارت رواتب أشبهت السنن والواجبات وهذا المعنى هو المفهوم من قوله صلى الله عليه وسلم في الركعتين بعد العصر من صلاهما فسئل