إليه وتشتاق سماعه من صفات الصالحين وذكر آلاء الله ونعمائه ويشوقهم بذكر المنازل الحجازية والمعاهد النبوية فيتواجدون اشتياقا لذلك ثم يأكلون ما حضر من الطعام ويحمدون الله تعالى ويرددون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويبتهلون بالأدعية إلى الله في صلاح أمورهم ويدعون للمسلمين ولإمامهم ويفترقون فهل يجوز اجتماعهم على ما ذكر أم يمنعون وينكر عليهم ومن دعاهم من المحبين إلى منزله بقصد التبرك هل يجيبون دعوته ويجتمعون على الوجه المذكور أم لا فأجاب بما محصوله مجالس تلاوة القرآن وذكر الله هي رياض الجنة ثم أتى بشواهد على طلب ذكر الله وأما الإنشادات الشعرية فإنما الشعر كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح وفي القرآن في شعراء الإسلام « إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا » وذلك أن حسان بن ثابت وعبد الله ابن رواحة وكعبا لما سمعوا قوله تعالى « والشعراء يتبعهم الغاوون » الآيات بكوا عند سماعها فنزل الاستثناء وقد انشد الشعر بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورقت نفسه الكريمة وذرفت عيناه لأبيات أخت النضر لما طبع عليه من الرأفة والرحمة وأما التواجد عند السماع فهو في الأصل رقة النفس واضطراب القلب فيتأثر الظاهر بتأثر الباطن قال الله تعالى « الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم » أي اضطربت رغبا أو رهبا وعن اضطراب القلب يحصل اضطراب الجسم قال الله تعالى « لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا » الآية وقال « ففروا إلى الله » فإنما التواجد رقة نفسية وهزة قلبية ونهضة روحانية وهذا هو التواجد عن وجد ولا يسمع فيه نكير من الشرع وذكر السلمي أنه كان يستدل بهذه الآية على حركة الوجد في وقت السماع وهي « وربطنا على قلوبهم إذ قاموا » فقالوا ربنا وكان يقول إن القلوب مربوطة بالملكوت حركتها أنوار الأذكار وما يرد عليها من فنون السماع ووراء هذا تواجد لا عن وجد فهو مناط الذم لمخالفة ما ظهر لما بطن وقد يغرب فيه الأمر عند القصد إلى استنهاض العزائم وأعمال الحركة في يقظة القلب النائم يا أيها الناس ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا ولكن شتان ما بينهما .