كان ثم بدعة ولكان العمل داخلا في عموم الأعمال المأمور بها أو المخير فيها فالجمع بين تلك الأشياء بدعا وبين كون الأدلة تدل على وجوبها أو ندبها أو إباحتها جمع بين متنافيين اما المكروه منها والمحرم فمسلم من جهة كونها بدعا لا من جهة أخرى إذ لو دل دليل على منع أمر أو كراهته لم يثبت ذلك كونه بدعة لامكان أن يكون معصية كالقتل والسرقة وشرب الخمر ونحوها فلا بدعة يتصور فيها ذلك التقسيم البتة الا الكراهية والتحريم حسبما يذكر في بابه فما ذكره القرافي عن الأصحاب من الاتفاق على انكار البدع صحيح وما قسمه فيها غير صحيح ومن العجب حكاية الاتفاق مع المصادمة بالخلاف ومع معرفته بما يلزمه في خرق الاجماع وكأنه انما اتبع في هذا التقسيم شيخه من غير تأمل فإن ابن عبد السلام ظاهر منه انه سمى المصالح المرسلة بدعا بناء والله اعلم على أنها لم تدخل أعيانها تحت النصوص المعينة وإن كانت تلائم قواعد الشرع فمن هنالك جعل القواعد هي الدالة على استحسانها بتسميته لها بلفظ البدع وهو من حيث فقدان الدليل المعين على المسألة واستحسانها من حيث دخولها تحت القواعد ولما بنى على اعتماد تلك القواعد استوت عنده مع الأعمال الداخلة تحت النصوص المعينة وصار من القائلين بالمصالح المرسلة وسماها بدعا في اللفظ كما سمى عمر رضي الله عنه الجمع في قيام رمضان في المسجد بدعة كما سيأتي إن شاء الله تعالى اما القرافي فلا عذر له في نقل تلك الاقسام على غير مراد شيخه ولا على مراد الناس لأنه خالف الكل في ذلك التقسيم فصار مخالفا للاجماع ثم نقول اما قسم الواجب فقد تقدم ما فيه آنفا فلا نعيده واما قسم التحريم فليس فيه ما هو بدعة هكذا باطلاق بل ذلك كله مخالفة للأمر المشروع فلا يزيد على تحريم أكل المال بالباطل الا من جهة كونه موضوعا على وزن الاحكام الشرعية اللازمة كالزكوات المفروضة والنفقات المقدرة وسيأتي بيان ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى وقد تقدم في الباب الأول منه طرف فإذا لا يصح ان يطلق القول في هذا القسم بأنه بدعة دون ان يقسم الأمر في ذلك واما قسم المندوب فليس من البدع بحال وتبيين ذلك بالنظر في الأمثلة التي مثل لها