كثيرة منها ما تكلم عليه العلماء ومنها ما لم يتكلموا عليه لان ذلك حدث بعد موت المجتهدين وأهل الحماية للدين فهو باب يكثر التفريع فيه بحيث يستدعي تأليفا مستقلا فرأينا ان بسط ذلك يطول مع أن العناء فيه قليل الجدوى في هذه الأزمنة المتأخرة لتكاسل الخاصة عن النظر فيما يصلح العامة وغلبة الجهل على العامة حتى أنهم لا يفرقون بين السنة والبدعة بل قد انقلب الحال إلى أن عادت السنة بدعة فقاموا في غير موضع القيام واستقاموا إلى غير مستقام فعم الداء وعدم الأطباء حسبما جاءت به الاخبار فرأينا ان لا نفرد هذا المعنى بباب يخصه وان لا نبسط القول فيه وان نقتصر من ذلك على لمحة تكون خاتمة لهذا الباب في الإشارة إلى أنواع الاحكام التي يقام عليهم بها في الجملة لا في التفصيل وبالله التوفيق فنقول إن القيام عليهم بالتثريب أو التنكيل أو الطرد أو الابعاد أو الانكار هو بحسب حال البدعة في نفسها من كونها عظيمة المفسدة في الدين أم لا وكون صاحبها مشتهرا بها أو لا وداعيا إليها أو لا ومستظهرا بالاتباع وخارجا عن الناس أو لا وكونه عاملا بها على جهة الجهل أو لا وكل من هذه الاقسام له حكم اجتهادي يخصه إذ لم يأت في الشرع في البدعة حد لا يزاد عليه ولا ينقص منه كما جاء في كثير من المعاصي كالسرقة والحرابة والقتل والقذف والجراح والخمر وغير ذلك لا جرم ان المجتهدين من الأمة نظروا فيها بحسب النوازل وحكموا باجتهاد الرأي تفريعا على ما تقدم لهم في بعضها من النص كما جاء في الخوارج من الأثر بقتلهم وما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في صبيغ العراقي فخرج من مجموع ما تكلم فيه العلماء أنواع أحدها الارشاد والتعليم وإقامة الحجة كمسألة ابن عباس رضي الله عنه حين ذهب إلى الخوارج فكلمهم حتى رجع منهم ألفان أو ثلاثة آلاف والثاني الهجران وترك الكلام والسلام حسبما تقدم عن جملة من السلف في هجرانهم لمن تلبس ببدعة وما جاء عن عمر رضي الله عنه من قصة صبيغ العراقي .