واما الاختلاف من جهة الاسرار والإعلان فظاهر ان المسر بها ضرره مقصور عليه لا يتعداه إلى غيره فعلى أي صورة فرضت البدعة من كونها كبيرة أو صغيرة أو مكروهة هي باقية على أصل حكمها فإذا أعلن بها وان لم يدع إليها فإعلانه بها ذريعة إلى الاقتداء به وسيأتي بحول الله ان الذريعة قد تجري مجرى المتذرع إليه أو تفارقه فانظم إلى وزر العمل بها وزر نصبها لمن يقتدي به فيها والوزر في ذلك أعظم بلا اشكال ومثاله ما حكى الطرطوشي في أصل القيام ليلة النصف من شعبان عن أبي محمد المقدسي قال لم يكن عندنا ببيت المقدس صلاة الرغائب هذه التي تصلى في . رجب وشعبان وأول ما أحدثت عندنا في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة قدم علينا رجل في بيت المقدس يعرف بابن أبي الحمراء وكان حسن التلاوة فقام فصلى في المسجد الأقصى ليلة النصف من شعبان فأحرم خلفه رجل ثم انضاف إليهما ثالث ورابع فما ختمها الا وهو في جماعة كبيرة ثم جاء في العام القابل فصلى معه خلق كثير وشاعت في المسجد وانتشرت الصلاة في المسجد الأقصى وبيوت الناس ومنازلهم ثم استمرت كأنها سنة إلى يومنا هذا فقلت له فرأيتك تصليها في جماعة . فقال نعم واستغفر الله منها واما الاختلاف من جهة الدعوة إليها وعدمها فظاهر أيضا لان غير الداعي وإن كان عرضة بالاقتداء فقد لا يقتدي به ويختلف الناس في توفر دواعيهم على الاقتداء به إذ قد يكون خامل الذكر وقد يكون مشتهرا ولا يقتدى به لشهرة من هو أعظم عند الناس منزلة منه واما الداعي إذا دعا إليها فمظنة الاقتداء أقوى واظهر ولا سيما المبتدع اللسن الفصيح الأخذ بمجامع القلوب إذا أخذ في الترغيب والترهيب وأدلى بشبهته التي تداخل القلب بزخرفها كما كان معبد الجهني يدعو الناس إلى ما هو عليه من القول بالقدر ويلوي بلسانه نسبته إلى الحسن البصري فروى عن سفيان بن عيينة ان عمرو بن عبيد سئل عن مسألة فأجاب فيها وقال :