ووافقوهم في اعتقاد ما اعتقدوه من الباطل فهؤلاء نص العلماء على أنهم غير معذورين مشاركون لأهل عصرهم في المؤاخذة لأنهم وافقوهم في العمل والموالاة والمعاداة على تلك الشرعة فصار من أهلها فكذلك ما نحن في الكلام عليه إذ لا فرق بينهما ومن العلماء من يطلق العبارة ويقول كيفما كان لا يعذب أحد الا بعد الرسل وعدم القبول منهم وهذا ان ثبت قولا هكذا فنظيره في مسألتنا ان يأتي عالم اعلم من ذلك المنتصب يبين السنة من البدعة فإن راجعه هذا المقلد في احكام دينه ولم يقتصر على الأول فقد أخذ بالاحتياط الذي هو شأن العقلاء ورجاء السلامة وان اقتصر على الأول ظهر عناده لأنه مع هذا الفرض لم يرض بهذا الطارئ وإذا لم يرضه كان ذلك لهوى داخله وتعصب جرى في قلبه مجرى الكلب في صاحبه وهو إذا بلغ هذا المبلغ لم يبعد ان ينتصر لمذهب صاحبه ويستدل عليه بأقصى ما يقدر عليه في عموميته وحكمه قد تقدم في القسم قبله فأنت ترى صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم حين بعث إلى أصحاب أهواء وبدع وقد استندوا إلى آبائهم وعظمائهم فيها وردوا ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وغطى على قلوبهم رين الهوى حتى التبست عليهم المعجزات بغيرها كيف صارت شريعته صلى الله عليه وسلم حجة عليهم على الاطلاق والعموم وصار الميت منهم مسوقا إلى النار على العموم من غير تفرقة بين المعاند صراحا وغيره وما ذاك الا لقيام الحجة عليهم بمجرد بعثته وارساله لهم مبينا للحق الذي خالفوه فمسألتنا شبيهة بذلك فمن أخذ بالحزم فقد استبرأ لدينه ومن تابع الهوى خيف عليه الهلاك وحسبنا الله . فصل ولنزد هذا الموضع شيئا من البيان فإنه أكيد لأنه تحقيق مناط الكتاب وما احتوى عليه من المسائل فنقول وبالله التوفيق ان لفظ أهل الأهواء وعبارة أهل البدع انما تطلق حقيقة على الذين ابتدعوها وقدموا فيها شريعة الهوى بالاستنباط والنصر لها والاستدلال على صحتها في زعمهم حتى عد خلافهم خلافا وشبههم منظورا فيها ومحتاجا إلى ردها والجواب عنها كما نقول في ألقاب الفرق من المعتزلة والقدرية والمرجئة والخوارج والباطنية ومن