يكون ثم من هو أولى بالتقليد منه بناء على التسامع الجاري بين الخلق بالنسبة إلى الجم الغفير إليه في أمور دينهم من عالم وغيره وتعظيمهم له بخلاف الغير أولا يكون ثم من هو أولى منه لكنه ليس في اقبال الخلق عليه وتعظيمهم له ما يبلغ تلك الرتبة فإن كان هناك منتصبون فتركهم هذا المقلد وقلد غيرهم فهو آثم إذ لم يرجع إلى من أمر بالرجوع إليه بل تركه ورضى لنفسه بأخسر الصفقتين فهو غير معذور إذ قلد في دينه من ليس بعارف بالدين في حكم الظاهر فعمل بالبدعة وهو يظن أنه على الصراط المستقيم وهذا حال من بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم تركوا دينهم الحق ورجعوا إلى باطل آبائهم ولم ينظروا نظر المستبصر حتى لم يفرقوا بين الطريقين وغطى الهوى على عقولهم دون ان يبصروا الطريق فكذلك أهل هذا النوع وقل ما تجد من هذه صفته الا وهو يوالي فيما ارتكب ويعادي بمجرد التقليد خرج البغوي عن أبي الطفيل الكناني ان رجلا ولد له غلام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فدعا له بالبركة وأخذ بجبهته فنبتت شعرة بجبهته كأنها سلفة فرس قال فشب الغلام فلما كان زمن الخوارج أجابهم فسقطت الشعرة عن جبهته فأخذه أبوه فقيده وحبسه مخافة ان يلحق بهم أحد قال فدخلنا عليه فوعظناه وقلنا له ألم تر بركة النبي صلى الله عليه وسلم وقعت قال فلم نزل به حتى رجع عن رأيهم قال فرد الله عز وجل الشعرة في جبهته إذ تاب وإن ولم يكن هناك منتصبون إلى هذا المقلد الخامل بين الناس مع أنه قد نصب نفسه منصب المستحقين ففي تأثيمه نظر ويحتمل ان يقال فيه إنه آثم . ونظيره مسألة أهل الفترات العاملين تبعا لآبائهم واستنامة لما عليه أهل عصرهم من عبادة غير الله وما أشبه ذلك لان العلماء يقولون في حكمهم أنهم على قسمين قسم غابت عليه الشريعة ولم يدر ما يتقرب به إلى الله تعالى فوقف عن العمل بكل ما يتوهمه العقل انه يقرب إلى الله ورأى ما أهل عصره عاملون به مما ليس لهم فيه مستند الا استحسانهم فلم يستفزه ذلك على الوقوف عنه وهؤلاء هم الداخلون حقيقة تحت عموم الآية الكريمة « وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا » وقسم لابس ما عليه أهل عصره من عبادة غير الله والتحريم والتحليل بالرأي