لكم تحلة أيمانكم » والحالف إذا حلف على شيء ولم يقل إن شاء الله كان الخيار إن شاء فعل وكفر وإن شاء لم يفعل - قال وهذه الأشياء وما أشبهها من الشرائع يكون فيها الناسخ والمنسوخ فكان الناسخ في هذا قوله تعالى « يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم » قال فلما وقع النهى لم يجز للانسان ان يقول الطعام على حرام وما أشبه ذلك من الحلال . فإن قال إنسان شيئا من ذلك كان قوله باطلا وإن حلف على ذلك بالله كان له أن يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه . والمسألة الرابعة : أن نقول : مما يسأل عنه قوله تعالى : ( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ) فإن فيها إخبارا بأنه عليه الصلاة والسلام حرم على نفسه ما أحله الله ، وقد يدل عليه : ( لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا ) . ومثل هذا يجل مقام النبي صلى الله عليه وسلم عن مقتضى الظاهر فيه ، وأن يكون منهيا عنه ابتداء ثم يأتيه ، حتى يقال له فيه : لم تفعل ؟ فلا بد من النظر في هذه المصارف . والجواب : أن آية التحريم إن كانت هي السابقة على آية العقود ، فظاهر أنها مختصة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، إذ لو أريد الأمة - على قول من قال من الأصوليين - لقال : ( لم تحرمون ما أحل الله لكم ) ؟ كم قال : ( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء ) . وهو بين لأن سورة التحريم قبل آية الأحزاب ، ولذلك لما آلى النبي صلى الله عليه وسلم من نسائه شهرا بسبب هذه القصة نزل عليه في سورة الأحزاب : ( يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن ) . وأيضا فيحتمل التحريم بمعنى الحلف على أن لا يفعل ، والحلف إذا وقع فصاحبه مخير بين أن يترك المحلوف عليه وبين أن يفعله ويكفر . وقد جاء في آية التحريم : ( قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ) فدل على أنه كان يمينا حلف صلى الله عليه وسلم بها . وذلك أن الناس اختلفوا في هذا التحريم فقال جماعة : إن كان تحريما لأم ولده مارية القبطية . بناء على أن الآية نزلت في شأنها ، وممن قال به الحسن وقتادة والشعبي ونافع مولى ابن عمر ، أو كان تحريما لعسل زينب ، وهو قول عطاء وعبد الله بن عتبة ، وقال جماعة : إنما كان تحريما بيمين . قال إسماعيل بن إسحاق يمكن أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم حرمها - يعنى جاريته - بيمين