فالجواب أن من يلحقه الضرر وقت ما يتناول شيئا يمكنه أن يمسك عنه من غير تحريم والتارك لأمر لا يلزمه أن يكون محرما له فكم من رجل ترك الطعام الفلاني أو النكاح لأنه في الوقت لا يشتهيه أو لغير ذلك من الأعذار حتى إذا زال عذره تناول منه وقد ترك صلى الله عليه وسلم أكل الضب ولم يكن تركه موجبا لتحريمه والدليل على أن المراد بالتحريم الظاهر وأنه لا يصح وإن كان تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم رد عليه بالآية فلو كان وجود مثل تلك الأعذار مبيحا للتحريم بالمعنى الثالث لوقع التفصيل في الآية بالنسبة إلى من حرم لعذر أو غير عذر وأيضا فإن الانتشار للنساء ليس بمذموم فإنه النبي صلى الله عليه وسلم قال من استطاع منكم الباءة فليتزوج الحديث فإنه أحب الانسان قضاء الشهوة تزوج فحصل له ما في الحديث زيادة إلى النسل المطلوب في الملة فكان محرم ما يحصل به الانتشار ساع في التشبه بالرهبانية وكان ذلك منتفيا عن الاسلام كسائر ما ذكر في الآية والمسألة الثالثة : ان هذه الآية يشكل معناها مع قوله تعالى « كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة » للآية فإن الله أخبر عن نبي من أنبيائه عليهم الصلاة والسلام أنه حرم على نفسه حلالا ففيه دليل لجواز مثله والجواب أنه لا دليل في الآية لان ما تقدم يقرر أن لا تحريم في الاسلام فيبقى ما كان شرعا لغيرنا منفيا عن شرعنا كما تقرر في الأصول خرج القاضي إسماعيل وغيره عن عباس رضى الله عنهما أن إسرائيل النبي يعقوب عليه السلام أخذه عرق النساء فكان يبيت وعليه زقاء فجعل عليه إن شفاه الله ليحرمن عليه العروق وذلك قبل نزول التوراة قالوا فلذلك نسل اليهود لا يأكلونها وفي رواية جعل على نفسه أن لا يأكل لحوم الإبل - قال - فحرمته اليهود وعن الكلبي أن يعقوب عليه السلام قال إن الله شفاني لأحرمن أطيب الطعام والشراب - أو قال - أحب الطعام أو الشراب إلى فحرم لحوم الإبل وألبانها قال القاضي الذي نحسب - والله أعلم - أن إسرائيل حين حرم على نفسه من الحلال ما حرم لم يكن في ذلك الوقت منهيا عن ذلك وأنهم كانوا إذا حرموا على أنفسهم شيئا من الحلال لم يجز لهم أن يفعلوه حتى نزلت كفارة اليمين قال الله تعال « قد فرض الله