المجتمع من الأحكام والقوانين الإسلامية ، كسورة النساء والأنفال والطلاق و . . . ، وتسمّى هذه القضايا التي كانت سبباً في نزول الآية الكريمة بأسباب النزول ، وهي بمثابة القرائن والشواهد الحافة بالآية الكريمة التي تساهم إلى حدّ كبير في فهمها ؛ ولذا أهتم بعض الصحابة والتابعين بنقل الكثير من هذه الأحاديث ، والمروي منها من طرق أهل السنة أكثر بمراتب من المروي من طرق الشيعة .
والتحقيق حاكم على لزوم التوقف والتأمل في كثير من هذه الأحاديث ؛ لأنّ كثيراً منها ضعيف أو مرسل ، فإنّها خالية عن السند ، ومن هنا يقوى في النظر الشك فيها .
كما أنّ في سياق الكثير من هذه الأحاديث دلالة قوية على اجتهاد الراوي في النقل ، حيث يقص القصّة ويحمل الآية عليها ويربطها بها ، وليس نقله مبنياً على المشاهدة الحسية والضبط الدقيق لحدود الواقعة التي نزلت فيها الآية الكريمة .
ويؤيد ذلك - اجتهاد الراوي في النقل - ما نشاهده من تعدد أسباب النزول للآية الواحدة بشكل لا يمكن معه الجمع بينها ، بل أحياناً يذكر عن الراوي الواحد عدّة أسباب متناقضة لنزول الآية الواحدة ، وهذا إما بسبب اجتهاد الراوي في النقل وإما بسبب الدسّ والوضع لأصل القضية ؛ ولذا تطلب الأمر لزوم التأمل والتدبر في روايات أسباب النزول حتى مع التسليم بصحة أسانيدها ، ومع وجود هذين الاحتمالين كيف يمكن الاعتماد على روايات أسباب النزول ؟

118