مرتكباً لكلّ المعاصي ، وحاشاه من ذلك ، فسيرته الذاتيّة دلّت على أنّه أمير المؤمنين بنص من الله تعالى ، وليس بانتخاب أو شورى . وبعدما أفلس الكاتب من كلّ ما اعتمد عليه ، وأحسّ في نفسه أنّ كلّ هذا غير كاف لإيهام القارئ وتشويش ذهنه ، راح يكذب على أصحاب الكتب ، وبالخصوص السيّد المرتضى ، فقال : ( إنّ السيّد المرتضى ينقل رواية يتجلّى فيها إيمان الإمام علي بالشورى دستوراً للمسلمين بصورة واضحة ، وذلك في خلافة الإمام الحسن ( عليه السلام ) ، ويقول الكاتب نقلاً عن كتاب الشافي : إنّ المسلمين دخلوا على الإمام علي ( عليه السلام ) بعدما ضربه عبد الرحمن بن ملجم ، وطلبوا منه أن يستخلف ابنه الحسن ، فقال : « لا ، وسألوا عليّاً أن يشير عليهم بأحد فما فعل » [1] . ويلاحظ على كلامه هذا الذي نسبه إلى الشافي أنّه كذب على السيّد المرتضى ؛ لأنّ الشافي هو رد السيّد المرتضى على القاضي عبد الجبّار المعتزلي ، فيورد السيّد المرتضى ما أثاره القاضي ويردّه ، فأحمد الكاتب أخذ فقط الرواية التي نقلها السيّد المرتضى من المغني - كتاب القاضي عبد الجبّار - ولم يذكر الرد على تلك الرواية من قبل السيّد المرتضى ، فأين الأمانة العلميّة ؟ وأين النزاهة التي يفترض أن تتصف بها البحوث ؟ يقول السيّد المرتضى ( قدس سره ) ردّاً على تلك الرواية التي ذكرها أحمد الكاتب ونسبها للشافئي ، يقول ( قدس سره ) : ( إنّ الخبر الذي رواه عن أمير المؤمنين - رواه القاضي - متضمن لما يكاد يعلم بطلانه ضرورةً . والظاهر من أحوال أمير المؤمنين والمشهور من أقواله وأفعاله جملة وتفصيلاً ، يقتضي أنّه كان يقدم بنفسه على أبي بكر وغيره من الصحابة ، وأنّه كان لا يعترف لأحدهم بالتقدّم عليه ) . وذكر السيّد المرتضى ( قدس سره ) الأمثلة الكافية على ذلك ، وجعل هذا الخبر - الذي ذكره الكاتب - شاذّاً ، وجعل بإزاءه الأخبار التي ترويها الشيعة من جهات عدّة ، وطرق مختلفة ، تضمنت الوصيّة السياسيّة من الإمام علي ( عليه السلام ) لابنه الحسن حيث أشار إليه واستخلفه ، وأرشد إلى طاعته من بعده ، وهي أكثر من أن تحصى ، فمنها : ما رواه أبو