ألزموا به أنفسهم » ، وهذا منهج للإمام ( عليه السلام ) كان يتبعه مع خصومه ، حتّى مع معاوية عندما قال له : « فإنّ بيعتي بالمدينة قد لزمتك وأنت بالشام » . وهذه أساليب عرفيّة في الإحتجاج يتبعها كلّ إنسان ، فضلاً عن أمير المؤمنين ، أضف إلى ذلك ، أنّ طلحة والزبير كانا على علم تام بنص رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ولهذا امتنعوا عن بيعة أبي بكر . وبعد أن أفلس الكاتب من ذلك ، عدل عن مسألة إيمان الإمام علي بالشورى ، وراح يبحث عن طريق آخر ينفي فيه عصمة الإمام ليسوّغ لنفسه نسبة الخطأ إليه ، فقال : ( كان الإمام علي ( عليه السلام ) ينظر إلى نفسه كإنسان عادي غير معصوم ، ويطالب الشيعة المسلمين أن ينظروا إليه كذلك . . . ) [1] ، ونقل الكاتب دليلاً لذلك الإدّعاء كلام الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « إنّي لست في نفسي بفوق أن أُخطئ ولا آمن ذلك من فعلي ، إلاّ أن يكفيني الله من نفسي ما هو أملك به منّي » . ونسي الكاتب أنّ الإمام علي ( عليه السلام ) هو المربّي الأوّل للإنسانيّة ، بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اعتماداً على قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأُمّة » فهو يربّي الناس على أخلاق التعامل فيما بينهم ، فكيف يكون إنساناً عادياً - كما يقول أحمد الكاتب - وهو يقول : « ينحدر عنّي السيل ، ولا يرقى إليَّ الطير » ، فهل يوجد إنسان عادي أو غير عادي - عبقري مثلاً - يقول هذه الكلمة ، ونحن في هذا القرن . أضف إلى ذلك أنّه بناءً على منهج الكاتب يكون الإمام علي ( عليه السلام ) قد ارتكب كل الذنوب ، صغيرة وكبيرة ، لأنّ الإمام هو القائل : « اللهمّ اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم ، اللهمّ اغفر لي الذنوب التي تنزل النقم ، اللهمّ اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء ، اللهمّ اغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء . . . » [2] . فإذا لم تحمل هذه الأُمور على أنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يحاول تربية الناس على أخلاق التعامل فيما بينهم تارة ، وفيما بينهم وبين ربّهم أُخرى ، يكون أمير المؤمنين ( عليه السلام )
[1] أحمد الكاتب ، تطوّر الفكر السياسي : ص 24 . [2] دعاء كميل للإمام علي ( عليه السلام ) .