قد كفاهم النظر في ذلك الاختيار ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد رضي لهم إماماً ، وأمرهم بطاعته واتباعه » ، فالرسالة كانت تحمل أمرين اكتفى الكاتب بالأوّل وحذف الثاني الذي اعتمده أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في كلامه وهما : الأمر الأوّل : إن كانت الخيرة للناس فعليهم أن يختاروا إماماً عفيفاً . . . إلخ . الأمر الثاني : إن كانت الخيرة لله ورسوله فإنّ الله قد كفاهم النظر في ذلك الاختيار ، ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد رضي لهم إماماً وأمرهم بطاعته واتباعه . ولم يشر الكاتب لا من قريب ولا من بعيد إلى الأمر الثاني ، محاولاً استغفال القارئ وتشويش ذهنه ، بل اعتمد على الأوّل وجعله ركناً أساسيّاً في نظريّته . هذا مضافاً إلى أنّ كتاب سليم بن قيس الهلالي معدّ لتركيز نظريّة الإمامة وتعداد الأئمّة وأسمائهم ، فكيف بكتاب يكون هذا منهجه ينقل رواية تخالف منهجه بالمرة ؟ ! أضف إلى ذلك ، أنّ الكاتب ضعّف كتاب سليم ، وحاول جاهداً أن يتتبع كلمات العلماء في تضعيف كتاب سليم [1] ، وما هذا التتبع الخالي عن الموضوعيّة إلاّ لأنّ كتاب سليم نصّ على الأئمّة ( عليهم السلام ) ، وعندما وجد ما توهّم أنّه ينفعه اعتمد على الكتاب ، وهذا منهج الغريق ، فإنّه يتعلّق بالقشّة لعلّها تنفعه . شواهد عليلة وكذب صريح حاول الكاتب أن يحشد أكبر عدد من الشواهد كدليل على نظريّته الجديدة ( الشورى ) فاستدلّ بقول الإمام علي ( عليه السلام ) إلى طلحة والزبير : « بايعتماني ثمّ نكثتما » [2] ، واتخذ من هذا الكلام دليلاً على إيمان الإمام بالشورى ؛ لأنّه لو كان يؤمن بالنص لاحتجّ عليهم به . وهذا من عجيب القول ؛ لأنّ طلحة والزبير بايعا ثمّ نكثا ، فكيف يؤمنان بالنص على علي ( عليه السلام ) كي يحتجّ الإمام عليهما به ، واحتجاج الإمام هنا من باب « ألزموهم بما
[1] أحمد الكاتب ، تطوّر الفكر السياسي : ص 205 . [2] أحمد الكاتب ، تطوّر الفكر السياسي : ص 24 .