وجعفر كاشف الغطاء ، ومحمّد حسن النجفي ، وغيرهم من الفقهاء ، تلقّوها بالقبول ، وعلى أساس ذلك حدّدوا صلاحيّات الفقيه الشيعي في عصر إقصاء المعصوم عن منصبه وعصر الغيبة . قال الشيخ المفيد : ( فأمّا إقامة الحدود فهو إلى سلطان الإسلام المنصوب من قبل الله تعالى ، وهم أئمّة الهدى من آل محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أو من نصّبوه لذلك من الأمراء والحكّام ، وقد فوّضوا النظر فيه إلى فقهاء شيعتهم مع الإمكان ) . وأضاف : ( إنّ للفقهاء من شيعة آل محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يجمعوا بإخوانهم . . . ولهم أن يقضوا بينهم بالحقّ ويصلحوا بين المختلفين . . . ) [1] . وقال الشيخ الطوسي في النهاية : ( فأمّا الحدود ، فليس يجوز لأحد إقامتها إلاّ لسلطان الزمان المنصوب من قبل الله تعالى ، أو من نصّبه الإمام لإقامتها . . . وأمّا الحكم بين الناس والقضاء في ذلك فقد فوّضوا ذلك إلى فقهاء شيعتهم في حال لا يتمكنون فيه من توليه بأنفسهم ) . وقال في المبسوط : ( وأمّا الحكم بين الناس والقضاء بين المختلفين فلا يجوز أيضاً إلاّ لمن أذن له سلطان الحقّ في ذلك ، وقد فوّضوا ذلك إلى فقهاء شيعتهم في حال لا يتمكّنون فيه من توليته بنفوسهم ، فمن تمكّن في إنفاذ حكم أو إصلاح بين الناس أو فصل بين المختلفين فليفعل ذلك ، وله بذلك الأجر والثواب ما لم يخف على نفسه ، ولا على أحد من أهل الإيمان ويأمن الضرر فيه ، فإن خاف شيئاً من ذلك لم يجز له التعرّض لذلك على حال ) . وقال السيّد المرتضى : ( جاءت الرواية الصحيحة لمن هذه حاله أن يقيم الحدود ويقطع السرّاق ويفعل كلّ ما اقتضت الشريعة فعله من هذه الأمور ) [2] . ويقول أبو الصلاح الحلبي ( المتوفى سنة 447 ه ) متحدّثاً عن الفقيه : ( فهو نائب عن ولي الأمر في الحكم ، ومأهول له لثبوت الإذن منه ومن آبائه لمن كان بصفته في
[1] المقنعة : كتاب الأمر بالمعروف ، ص 810 . [2] الرسائل : ج 2 ، ص 89 .