عاصمتهم دمشق [1] . ويقول هاشم معروف الحسني : فكان الجبر والإرجاء سلاحين فتّاكين ، وإن صحّ تعبيري فهما حرب جرثوميّة على الأمّة وطمس معالم الإسلام الصحيح ، وتحجيم دور الأئمّة داخل الشعب المسلم الذي لم يطّلع على إسلامه الحقيقي أبداً . أضف إلى ذلك سلاح التصوّف الذي لجأ فيه المتدينون ظاهراً إلى الغارات والكهوف ، وتركوا الحكّام يعيثون بالأرض فساداً ، وبدأ هنا الإسلام باستيراد الأفكار من الهند والصين وفارس [2] . فتحطم المجتمع أمام هذه الأسلحة التي أصبحت فرقاً فيما بعد ، وذلك من خلال البعض الذي وجد فيها ضالّته المنشودة ، لأنّهم سئموا الحروب وآثروا السلامة والعافية من جراء ما لاقوه من أهوال . . . وانصرفوا لأُمورهم الداخليّة دون نظر إلى نوعيّة السلطة [3] . ولم يقف البيت الأموي وأنصاره عند حد الجبر والإرجاء والتصوّف ، بل لجأوا إلى سلاح فتّاك آخر يضرب صميم الإسلام ، وهو سلاح الغلو والمغالاة ، وبرَّزوا له الصحابي الذي لا يحق لأحد الرد عليه ، والراد عليه كالراد على رسول الله ، والراد على رسول الله كالراد على الله ، وهكذا حتّى وصل الأمر إلى كفر من يرد على الصحابي وإخراجه من دائرة الإسلام باسم عدالة الصحابي الذي منحه معاوية وأنصاره ومريدوه حصانة دبلوماسيّة يتحرّك فيها داخل المجتمع الإسلامي ، ويكفي في تسمية الشخص صحابي أنّه رأى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) - وإن استحى البعض في هذا الزمان ، فعدّل في النظريّة بعض التعديلات - فهدّم معاوية وأنصاره المتمّثلين بالجاهليّة العربيّة أركان الإسلام ، وضعضع الصفّ الإسلامي ، وصال آل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بيد جذّاء لحفظ مصالح الإسلام والمسلمين من هذه الأفكار ، فحصّنوا أصحابهم حملة الإسلام