رعيّته في الظاهر ، والدليل ما تقرّر في عقول العقلاء من قبح جعل المفضول رئيساً وإماماً في شيء بعينه على الفاضل ، ألا ترى أنّه لا يحسن منّا أن نعقد لمن كان لا يحسن الكتابة إلاّ ما يحسنه المبتدئ المتعلّم الرياسة في الكتابة على من هو في الحذق بها والقيام بحدودها بمنزلة ابن مقلة حتّى نجعله حاكماً عليه فيها وإماماً له في جميعها ، وكذلك لا يحسن أن نقدّم رئيساً في الفقه وهو لا يقوم من علوم الفقه إلاّ بما يتضمّنه بعض المختصرات على ما هو في الفقه بمنزلة أبي حنفية ، وهذه الجملة لا يدخل على أحد فيها شبهة لأنّها معلومة بالضرورة ، ومن نازع فيها لا يحسن مكالمته ) [1] . واستدلال الشيعة هذا ينبع من فيوضات رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في هذا المجال عندما قال : « من ولّى رجلاً وهو يعلم أنّ غيره أفضل منه فقد خان الله في أرضه » [2] . وعندما خلص أحمد الكاتب إلى هذا البحث لم يستطع أن يتكلّم حرفاً واحداً عليه لما فيه من موافقته للنقل والعقل ، واكتفى بنقل كلمات المفيد والطوسي في هذا الخصوص [3] . هل طفولة بعض الأئمّة مشكلة واجهت الشيعة ؟ ممّا لا شكّ فيه أنّ بعض الأئمّة ( عليهم السلام ) توفّي آباؤهم وهم دون سن البلوغ ، ولكن هل هذه مشكلة حقّاً أم أُريد بإثارتها بعد عشرات السنين من حياة الأئمّة ، التشويش على أذهان الناس ، والانتقاص من مذهب التشيّع . وقبل كلّ شيء ، فالشيعة تعرض اعتقادها على القرآن الكريم لترى هل حصل هذا بنص القرآن ، وأنّ الله نصّب لقيادة الناس من هو دون سن البلوغ أم لا ؟ قال تعالى بحقّ يحيى ( عليه السلام ) : ( وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً ) [4] ، وقال تعالى بحقّ عيسى ( عليه السلام ) :
[1] تلخيص الشافي : ج 1 ، ص 205 - 207 . [2] الإمامة وأهل البيت : ج 1 ، ص 68 . [3] أحمد الكاتب ، تطوّر الفكر السياسي : ص 62 - 63 . [4] مريم : الآية 12 .