وواضح معنى ( زويت الأمر عن أهله ووضعته في غير محلّه ) ، بأنّه استنهض الناس للرضا من آل محمّد ، ثمّ بعد ذلك وعندما استتبت الأُمور تغيّرت المصاديق لذلك الشعار ، وادّعى العباسيّون الوصاية من طريق أبي هاشم بن محمّد بن الحنفيّة ، وقد لاقت هذه القصّة بعض القبول في بعض المناطق الإسلاميّة كما يقول أحمد أمين . ولكن لو استجوبنا التاريخ ، كيف ادّعى العباسيّون الوصاية من أبي هاشم . أجاب ابن أبي الحديد عن أبي جعفر الإسكافي حيث قال : ( لمّا مات علي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) طلب محمّد بن الحنفيّة من أخويه الحسن والحسين ميراثه من العلم ، فدفعا إليه صحيفة لو أطلعاه على غيرها لهلك ، وكان في هذه الصحيفة ذكر لدولة بني العبّاس ، فصرّح ابن الحنفيّة لعبد الله بن العباس بالأمر وفصَّله له ) ( 1 ) . إذن ، توجد صحيفة من ميراث علي ( عليه السلام ) عند محمّد بن الحنفيّة ، اطَّلعَ عليها عبد الله ابن العبّاس ، ويبقى سؤال يقول : كيف وصلت هذه الصحيفة لبني العبّاس ليجعلوها وثيقة مهمّة من وثائق الدولة العبّاسيّة الرسميّة ؟ والجواب على ذلك : أنّ هذه الصحيفة وصلت إليهم من طريق أبي هاشم عبد الله ابن محمّد بن الحنفيّة ، الذي نهض بالثورة ضدّ الأمويين ، فلقد قيل : إنّ عبد الله هذا اجتمع مع محمّد بن علي بن عبد الله بن العبّاس ومعاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وعبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، وهؤلاء الثلاثة هم الذين حضروا وفاة أبي هاشم هذا ، وأطلعهم على أهداف ثورته ( 2 ) . وبعد أن توفي أبو هاشم هذا ، ادّعى كلّ من محمّد بن علي ومعاوية بن عبد الله بن جعفر الوصاية منه ، وهذا الإدّعاء يكشف عن أُمور : 1 - أنّ أبا هاشم لم يوصِ لأحد منهما ، وإلاّ لما اختلفا في ذلك ، وخصوصاً أنّ عبد الله بن الحارث بن نوفل كان حاضراً ذلك الاجتماع ولم يؤيّد أحداً .
( 2 ) شرح نهج البلاغة : ج 7 ، ص 149 - 150 . ( 3 ) الحياة السياسيّة للإمام الرضا : ص 29 .