أنّ الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أشار إلى أنّ الخلفاء من بعده إثنا عشر ، وهذا الاحتمال لا يمكن قبوله ، لأنّه طعن واضح في سيرة أصحاب الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، حيث تؤكّد لنا الوقائع التأريخيّة ، أنّهم كانوا يهتمون بكلّ صغيرة وكبيرة من أمر هذا الدين ، بل كانوا يسألون عن أُمور لا تهمهم ، لذا نزل قوله تعالى : ( لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) [1] . الثاني : أنّهم سألوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ولكنّ الرسول لم يهتم ببيان ذلك لهم ، وهذا أيضاً لا يمكن قبوله ، لأنّه خلاف ما صرّح به القرآن بالنسبة إلى رسوله الأمين ، حيث قال : ( وما هو على الغيب بضنين ) [2] ، بل هو مأمور ببيان ما نزل إليه من الأمر الإلهي ( لتبيّن للناس ما نُزِّل إليهم ) خصوصاً ، أنّ ذلك الأمر يرتبط بكمال الدين ، بل بأساسه ، لقوله تعالى : ( وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته ) . الثالث : أنّ الأصحاب سألوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وبيّنه لهم ، من خلال بيانات متعدّدة وفي مواقع مختلفة ، وبأساليب متنوعة لكن الأجهزة الحاكمة حالت دون ذلك ومنعت عن تدوين حديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، بل وأمرت بإحراق كل ما كتب في هذا المجال ، ونهت عن تدوين ما هو في صدور الأصحاب ، وليس غريباً أن تقف السلطات التي أرادت أن تتسلّط على رقاب الأُمّة باسم خلافة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وتمنع من هو منها كالقطب من الرحى ، دون نشر مثل هذه الأحاديث التي بيّنت أحقيّة الإمام علي وأولاده بالخلافة والإمامة من بعده ، ومن هنا نستطيع الوقوف على جواب تساؤل طالما أشار إليه جملة من أعلام السنّة المتقدّمين ، وردّدته بعض الأقلام المعاصرة ، أنّه لو كانت الخلافة والإمامة لعلي وأولاده من الأُمور التي أكّد عليها النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فلماذا أُصيبت بمثل هذه الضبابيّة والإبهام ، وصارت منشأ للنقض والإبرام . هو أنّ السلطات الحاكمة وأجهزتها الإعلاميّة ، كانت تعمل بكلّ ما وسعها من