أجل طمس الحقائق التي لا ترتضيها ، ولا تصب في مصالحها ، كما نجد ذلك واضحاً بالنسبة إلى الإمام علي ( عليه السلام ) ، وهو أقرب الصحابة إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) علماً وعملاً ، حيث سُنَّ لعنه وشتمه على منابر المسلمين ولعشرات السنين ، ولم يمر على رحلة الرسول الأعظم ، إلاّ ثلاثين عاماً ، فإذا كان بمقدور هذه الأجهزة كتمان الحقيقة وتشويهها ، وإيصال الأُمّة إلى هذا المستوى من الجهل بأقرب الصحابة إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فإنّ بإمكانها أيضاً أن تخفي الحقيقة المتعلّقة بالأئمّة الأحد عشر ، بحيث تصبح تلك الحقائق المسلّمة قرآنيّاً غير واضحة في أذهان المسلمين بصورة عامّة ، فيقع الاختلاف بينهم لا محالة . ولكن ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) [1] و ( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون ) [2] . المحور الثالث تعيين مصاديق الأئمّة الواقع أنّ الأحاديث التي أشارت إلى أنّ الخلفاء اثنا عشر ، عيّنت بنحو واضح ، من هم أُولئك الخلفاء ؟ وهذا هو مقتضى القاعدة في المسألة ، لأنّه من الطبيعي عندما يصرّح الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بأنّ خلفاءه من بعده اثنا عشر ، لا بدّ أن يذكرهم مباشرة أو بعد السؤال على الأقل ، وهذا ما نجده واضحاً في التراث الشيعي الذي تكلّم عن هذه الحقيقة ، ونحاول هنا الوقوف على بعض النماذج من هذه الروايات الكثيرة في المقام . عن سلمان قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « الأئمّة بعدي إثنا عشر ، ثمّ قال : كلّهم من قريش ، ثمّ يخرج قائمنا فيشفي صدور قوم مؤمنين ، ألا إنّهم أعلم منكم فلا تعلّموهم ، ألا إنّهم عترتي ولحمي ودمي ، ما بال أقوام يؤذونني فيهم ، لا أنالهم الله شفاعتي » [3] .
[1] الأنفال : 30 . [2] الصف : 8 . [3] كفاية الأثر : ص 44 ، باب ما جاء عن سلمان الفارسي .