( وجدت في الأنساب للبلاذري بإسناد قوي من رواية هشام بن يوسف عن معمّر ، عن الزهري ، بالإسناد المذكور في الأصل ، ولفظه : قال عمر بلغني أنّ الزبير قال : لو مات عمر . . . ) [1] . وأمّا السؤال الآخر ، وهو من هذا الذي يبايعه الزبير ؟ هل هو من أمثال سالم ومعاذ وأبي عبيدة ، الذين صرّح عمر بأنّهم لو كانوا أحياءً لولاّهم منصب الخلافة ، أم رجل آخر ليس من أمثال هؤلاء ؟ الجواب على ذلك : لو كان هذا الرجل من أمثال هؤلاء ، لما لجأ الخليفة الثاني إلى سنّ الشورى كطريق جديد للخلافة ؛ لأنّ عمر بنفسه صرّح : ( لو كان أبو عبيدة أو سالم أو معاذ أحياء لوليتهم ) . إذن ، الرجل له منهج غير منهج هؤلاء ، وغير منهج الخليفة الثاني ، ولحد الآن لم نتعرّف على اسمه ونسبه ، والبعض أطلق المسألة باسم فلان واكتفى ، ولم يحاول ، أو لم يرغب في أن يتعرّف عليه ، ولكن ابن حجر العسقلاني صرّح بهذه الحقيقة المرّة على البعض ، بأنّ ذلك الرجل الذي كان الزبير يريد مبايعته بعد موت عمر هو علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وإليك كلام ابن حجر : ( وجدت في الأنساب للبلاذري بإسناد قوي من رواية هشام بن يوسف عن معمّر ، عن الزهري ، بالإسناد المذكور في الأصل ، ولفظه : قال عمر بلغني أنّ الزبير قال : لو مات عمر لبايعنا عليّاً ) [2] . فتحصّل من كلّ ذلك : طرح الشورى بديلاً للنص لإيقاف الزبير عمّا ينويه في مسألة الخلافة ، وأخذت هذه النظرة منذ ذلك الوقت تدبّ في جسم الأُمّة الإسلاميّة سنين وسنين ، ولكنّها فشلت ؛ لأنّها لم تكن مرتكزة على أصل في الإسلام ، وصرّح بفشلها الدكتور أحمد محمود صبحي بقوله : ( أمّا من الناحية الفكريّة فلم يقدّم أهل السنّة نظريّة متماسكة في السياسة تحدّد مفاهيم البيعة والشورى وأهل الحِلّ والعقد ،
[1] المصدر نفسه . [2] ارشاد الساري : ج 14 ، ص 339 ، كتاب الحدود ، باب رقم 30 .