الرشيد ليعلن الحرب الشعواء على آل أبي طالب وشجرة النبوّة ، وعلى حدّ تعبير الخوارزمي : ( حصد شجرة النبوّة واقتلع غرس الإمامة ) . ويقول الفخري في الآداب السلطانيّة : ( كان يقتل أولاد بيت الرسول من غير جرم ) . واعترف هو بنفسه على جرمه بحقّ آل أبي طالب ، ونقل اعترافه أبو الفرج الإصفهاني في الأغاني ، حيث قال على لسان الرشيد : ( حتام أصبر على آل بني أبي طالب ، والله لأقتلنّهم ولأقتلنّ شيعتهم ولأفعلنّ وأفعلنّ ) . ونفّذ هذا المخطّط الإرهابي بقتل أولاد فاطمة وشيعتهم ، كما يقول ابن عبد ربّه [1] . وعندما أرسل الجلودي لحرب محمّد بن جعفر بن محمّد ، أمره أن يغير على دور آل أبي طالب في المدينة ويسلب ما على نساءهم من ثياب وحلي ، ولا يدع على واحدة منهن إلاّ ثوباً واحداً [2] . ولم يرق له أن يرى أحداً من الطالبيين في بغداد ، يقول الطبري وابن الأثير : ( أمر بإخراج الطالبيين جميعاً من بغداد إلى المدينة كرهاً لهم ) [3] . ولم يكتفِ هذا بالقتل والتشريد والمطاردة للأحياء حتّى عطف حقده على الأموات وهدم قبر الحسين ، وحرث أرض كربلاء على يد عامله هناك . وختم ملف الإجرام والعداء لآل أبي طالب بقتل الإمام الكاظم ( عليه السلام ) في قعر السجون المظلمة ، واعترف بذلك جلّ المؤرخين المنصفين ، ولم يشكّك به إلاّ أحمد الكاتب ، ليبرّئ الرشيد من إجرامه ، حتّى تستقيم نظريّته . ونحن لا نريد في بحثنا هذا أن نستقرئ مواقف ملوك بني العبّاس : السفّاح ، المنصور ، المهدي ، الهادي ، الرشيد ، الأمين ، المأمون ، المعتصم ، الواثق ، المتوكّل ، المنتصر ، المستعين ، المعتز ، المهتدي ، المعتمد ، المعتضد ، المكتفي ، المقتدر ، القاهر ، الراضي ، المتقي ،
[1] العقد الفريد : ج 2 ، ص 180 . [2] أعيان الشيعة : ج 1 ، ص 29 ؛ عيون أخبار الرضا : ج 2 ، ص 479 . [3] تاريخ الطبري : ج 8 ، ص 235 ؛ الكامل لابن الأثير : ج 5 ، ص 85 .