المحور الثاني عدد الأئمّة بعد أن ثبت في البحث السابق أنّ الإمامة ظاهرة مستمرّة غير منقطعة ، نحاول في هذا البحث الوقوف على أنّ الأئمّة هل ينحصر عددهم في حدّ معيّن أم لا ؟ تبنّى أتباع مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) حصر عدد الأئمّة بإثني عشر إماماً ، تبعاً لما بين أيديهم من الروايات الصحيحة الدالّة على ذلك . حينئذ قد يثار إشكال على هذا الحصر ، مؤدّاه أنّ هؤلاء إنّما اضطرّوا إلى ذلك لأسباب تأريخيّة أو سياسيّة ونحوها ، وإلاّ فإنّ مقتضى ما تقدّم من البحث في المحور الأوّل ، هو استمرار الإمامة وعدم الوقوف بها عند حدٍّ معيّن . غير أنّ إثارة مثل هذا الإشكال أمر غريب ، خصوصاً ممّن يدّعي أنّه يريد الوقوف على هذه الأبحاث من خلال الموازين العلميّة بالبحث والتحقيق . وذلك لأنّنا عندما نرجع إلى صريح القرآن الكريم ، نراه يعبّر عن الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بأنّه : ( وما ينطق عن الهوى * إن هو إلاّ وحيٌ يوحى ) [1] ، ويقول في حقّه : ( ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثمّ لقطعنا منه الوتين ) [2] . ثمّ رتب القرآن على ذلك وجوب الأخذ منه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حيث قال : ( وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) [3] . وتأسيساً على ذلك كلّه بيّن دور الرسول الأعظم حيث قال : ( وأنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس ما نزل إليهم ولعلّهم يتفكّرون ) [4] ، وهكذا قام الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ببيان ما أُمر بإبلاغه للناس ، لذا يقول الإمام الرضا ( عليه السلام ) : « إنّ الله عزّ وجلّ لم يقبض نبيّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حتّى أكمل له الدين وأنزل عليه القرآن فيه تبيان كلّ شيء ،