بيّن فيه الحلال والحرام ، والحدود والأحكام ، وجميع ما يحتاج إليه الناس كملاً ، فقال عزّ وجلّ : ( ما فرّطنا في الكتاب من شيء ) ، وأنزل في حجّة الوداع وهي آخر عمره ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) [1] ، وأمر الإمامة من تمام الدين ، ولم يمض ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حتّى بيّن لأُمّته معالم دينهم وأوضح لهم سبيله وتركهم على قصد سبيل الحق ، وأقام لهم عليّاً ( عليه السلام ) علماً وإماماً . وما ترك لهم شيئاً تحتاج إليه الأُمّة إلاّ بيّنه ، فمن زعم أنّ الله عزّ وجلّ لم يكمّل دينه فقد ردّ كتاب الله ، ومن ردّ كتاب الله فهو كافر » [2] . ومن الواضح أنّ أهم ما ينبغي بيانه في أمر الإمامة التي بها كمال الدين وتمام النعمة ، بل هي التي عبّر عنها القرآن الكريم : ( يا أيّها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته ) [3] ، بعد أن بيّن ( صلى الله عليه وآله وسلم ) دوامها وعدم انقطاعها ، هو بيان عددهم وتعيين أشخاصهم . وهذا ما نحاول الوقوف عليه في الأبحاث اللاحقة . ذكر المحقّق آية الله الصافي في كتابه القيّم ( منتخب الأثر ) أنّ الروايات التي ذكرت أنّ الخلفاء من بعد النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هم إثنا عشر ، قد تصل إلى ما يتجاوز ( 270 رواية ) من طرق الفريقين [4] . ولعلّ العدد أكثر من ذلك بكثير ، كما يقول في ( معجم أحاديث الإمام المهدي ) أنّ : ( مصادر حديث أنّ الأئمّة بعد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إثنا عشر ، وأنّهم من قريش أو من أهل البيت ( عليهم السلام ) كثيرة ، وقد أفرد لها بعضهم كتيّباً خاصّاً ، وقد جمعناها فرأيناها تبلغ مجلّداً كاملاً ، لذلك اخترنا منها هذه النماذج فقط ، وقد نوفّق لإكمال تحقيقها من
[1] المائدة : 3 . [2] الأُصول من الكافي : ج 1 ، ص 199 ، باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته . [3] المائدة : 67 . [4] منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر : ص 10 ، الطبعة الثالثة .