وننقل للكاتب الذي جهل موقع الرضا بالأُمّة ، ننقل له كلمة للدكتور الشبيبي حيث يقول : ( وجاء الرضا ليكون مطمح أنظار الطوائف الإسلاميّة كلّها ) [1] . فلاحظ كيف خالف الكاتب أبسط وأجلى حقيقة في الفكر الإسلامي ، ولهذه المكانة العظيمة في المجتمع الإسلامي وقف كلّ الثوّار ، وكلّ الأحرار أمام الرضا ( عليه السلام ) وقفة المطيعين ، ولم يحدّثنا التاريخ - كما يقول السيّد مرتضى العاملي - عن حدوث أي ثورة علويّة ضد المأمون بعد البيعة للرضا ، سوى ثورة عبد الرحمن بن أحمد في اليمن ، وكان سببها - باتفاق المؤرّخين - هو فقط ظلم الولاة وجورهم ، وقد رجع إلى الطاعة بمجرّد الوعد بتلبية مطالبه ، والسرّ في عدم القيام بالثورات هو أنّ الكلّ قادة وسوقة ينظرون إلى الرضا ( عليه السلام ) إماماً من أئمّة الله تعالى [2] . وعدم حصول ثورة بعد البيعة نقطة تستوقف الباحث ، فلعلّ كلّ الثورات التي حدثت من العلويين والشيعة كانت بإيعاز من الأئمّة ، وهذا ما ترجمه المأمون برسالته إلى عبد الله بن موسى ، حيث قال : ( ما ظننت أحداً من آل أبي طالب يخافني بعد ما عملته بالرضا ) [3] . أحمد الكاتب يبرّئ ساحة المأمون : لم يكتفِ الكاتب بالتجرّي على الأئمّة ( عليهم السلام ) ، بل راح يبرّئ ساحة أعدائهم ، فهو يقول : ( إنّ المأمون قد عاهد الله أن يضع الخلافة في أفضل العلويين ) [4] . إذن ، المسألة أنّ المأمون قد عاهد الله ، ولم يكن هناك تخطيط مسبق ، فلنستنطق التاريخ عن هذه الحقيقة بهذه الأسئلة : هل كان فعلاً عهد من المأمون إلى الله في تحويل الخلافة ؟
[1] الصلة بن التصوّف والتشيّع : ص 32 . [2] الحياة السياسيّة للإمام الرضا ( عليه السلام ) : ص 226 . [3] المصدر نفسه . [4] أحمد الكاتب ، تطوّر الفكر السياسي : ص 97 .