وأمّا عبد الله بن موسى ، والذي جعله الكاتب طامعاً في منصب الإمامة ، يقول السيّد الخوئي بحقّه : ( إنّه لم يتصدَّ لهذا الموقع أبداً ) [1] ، وكذلك ابن طبا ، فهؤلاء لم يتصدّوا لموقع الإمامة ، بل تصدّوا لموقع قيادة المعارضة ، وهذا التصدّي لم يكن بعيداً عن أنظار الإمام الرضا ( عليه السلام ) الذي صرّح لسليمان بن جعفر بأنّ علي بن عبيد الله بن الحسن يعرف هذا الأمر . وكيف يجهل هؤلاء الإمام الرضا ، ويعرفه عدوّه ، فقد دخل ابن مؤنس يوماً على المأمون ورأى الإمام جالساً إلى جنبه ، فقال للمأمون : يا أمير المؤمنين هذا الذي بجنبك والله صنمٌ يُعبد من دون الله [2] . وكذب ابن مؤنس ، فهو إمام يطاع ، مفروض الطاعة من الله ، ولكنّه أراد أن يثير حفيظة المأمون بهذا الكلام . وكيف يجهل هؤلاء الإمام الرضا ، وقد جعل الإمام طاعته مفروضة من الله ، كطاعة علي بن أبي طالب عندما سأله رجل ، قال له : طاعتك مفروضة ، فقال : « نعم » ، قال : مثل طاعة علي بن أبي طالب ، قال : « نعم » [3] . وهل هناك تأويل يتفضل به الكاتب علينا لقول الرضا ( عليه السلام ) ، وهو يمرّ بنيسابور : « لا إله إلاّ الله حصني ، فمن دخل حصني أمن من عذابي » . ولكن لم يتركها على حالها ، بل قال : « بشروطها وأنا من شروطها » [4] . ولا يستطيع الكاتب أن ينكر هذا الحديث ، لأنّ السند فيه هو السلسلة الذهبيّة الذي يقول عنه أحمد بن حنبل : لو قُرِئ هذا الإسناد على مجنون لبرئ من جنّه [5] . ويقول المأمون العدوّ اللدود للإمام : ( هذا خير أهل الأرض وأعلمهم وأعبدهم ) .
[1] معجم رجال الحديث : ج 10 ، ص 352 - 353 . [2] عيون أخبار الرضا : ج 2 ، ص 161 ؛ مسند الإمام الرضا : ج 1 ، ص 86 ، باب ما وقع بينه وبين المأمون . [3] الكافي : ج 1 ، ص 243 ، ح 8 ؛ الإختصاص : ص 278 ؛ مسند الإمام الرضا : ج 1 ، ص 103 . [4] أمالي الصدوق : ص 306 ، ح 349 . [5] مناقب آل أبي طالب : ج 4 ، ص 341 - 342 .