فإذا كانت الوصيّة عاديّة فكيف يعتمد عليها الإمام الصادق ( عليه السلام ) في موضوع المنافسة المزعومة ؟ فاضطرب الكاتب في الكلام ، ووجد أنّ مسألة النص من المسائل المركوزة في جلسات الأئمّة ونقاشاتهم ، فراح يبحث عن وسيلة أُخرى ، فقال : ( وتشير بعض الروايات التي ينقلها الصفّار والكليني والمفيد عن الإمام الصادق أنّه كان يخوض معركة الإمامة مع منافسة عمّه زيد . . . ) ، إلخ . والمتابع للرواية التاريخيّة يجد أنّ زيداً قد اعترف بإمامة جعفر ولم ينافسه ، وقال بحقّ الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( جعفر إمامنا في الحلال والحرام ) [1] . وكان الإمام الصادق ( عليه السلام ) في طليعة المدافعين عن زيد الشهيد بقوله : « فإنّ زيداً كان عالماً وكان صدوقاً ، ولم يدعكم إلى نفسه ، إنّما دعاكم إلى الرضا من آل محمّد ( عليهم السلام ) ، ولو ظهر لوفى بما دعاكم إليه » [2] . فقول زيد بحقّ جعفر ( عليه السلام ) ، وقول الصادق جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) بحقّ زيد ، ينفي موضوع المنافسة التي خلقها أحمد الكاتب . وعندما أفلس أحمد الكاتب من إيجاد صراع بين زيد وعمّه الصادق ( عليه السلام ) حول الإمامة ، راح يقلّب دفاتره حول موضوع جديد ، ألا وهو امتلاك سلاح رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقال : ( ويظهر من بعض الروايات التي يذكرها الصفّار والمفيد أنّ موضوع السلاح كان في تلك الفترة أهم موضوع حاسم في معركة الإمامة بين محمّد بن عبد الله بن الحسن وبين الصادق ) [3] . وهذا الاستظهار لا مجال لتصديقه ، ونشأ لدى الكاتب نتيجة لعدم فهم مناهج المحدّثين ، أمثال الصفّار والمفيد ، فهم يقسّمون كتبهم إلى أبواب أو أجزاء أو فصول ، وفي كلّ واحد من تلك الأجزاء أو الفصول يحمل جهة من الجهات التي اختصّ بها الأئمّة ( عليهم السلام ) ، فذهب أحمد الكاتب إلى الفصول والأجزاء التي تحدّثت عن امتلاك
[1] رجال الكشي : ترجمة سليمان بن خالد ، ص 361 ، رقم 668 . [2] روضة الكافي : ص 180 ، ح 381 ؛ معجم رجال الحديث : ج 7 ، ص 346 . [3] أحمد الكاتب ، تطوّر الفكر السياسي : ص 40 .